القول في أنّه تعالى لا
يستحقّ صفة زائدة على ما ذكرناه
ذهب ضرار بن عمرو الضبّيّ
إلى أنّ للّه تعالى مائيّة زائدة على سائر صفاته، و زعم أنّه لا يعلمها إلّا اللّه
تبارك و تعالى. و قد ناقض في قوله هذا، من حيث انّه قال: أعلم انّ له مائيّة، ثمّ
قال: لا يعلم تلك المائيّة إلا اللّه.
و هذه مناقضة ظاهرة. و
بيانه أن نقول له: أتعلم أنّ له هذه المائيّة أو لا تعلم؟ فإن قال: لا أعلم أبطل
قوله كفانا مئونة جدالته و مناظرته، من حيث أقرّ بأنّه أثبت ما لا يعلمه، و إن
قال: أعلم أنّ له هذه المائيّة، قلنا: فقد أبطلت قولك: إنّه لا يعلمها إلّا هو
تبارك و تعالى.
فإن اعتذر من لزوم
المناقضة بأنّ يقول: أنا إنّما أعلم تلك المائيّة على الجملة، و اللّه يعلمها على
التفصيل، و كان مرادي بقولي لا يعلمها إلّا اللّه تعالى، أنّه لا يعلمها على
التفصيل غيره، و لا يكون في كلامي تناقض.
قلنا: و إذا قنعت من الفرق
بينك و بينه تبارك و تعالى في العلم بتلك المائيّة بالجملة و التفصيل، فاقنع بمثله
في استدلالك على إثبات هذه المائيّة، و في ذلك إبطال استدلالك. و ذلك لأنّه يحتجّ
في إثبات هذه المائيّة بإجماع الامّة على أنّه تبارك و تعالى أعلم بنفسه منّا. فلو
لم يثبت له من الصفات إلّا ما علمناه لما كان هو أعلم بنفسه منّا.
فنقول له: معنى ذلك أنّه
يعلم من تفاصيل أوصافه بكونه مريدا كارها