إن قال قائل: أ تقولون إنّ
اللّه تعالى مريد لذاته، كما يقوله النجّار؟ أو إنّه مريد بإرادة قديمة، على ما
تقوله الصفاتيّة؟ أو بإرادة محدثة، كما يقوله بعض أصحابنا؟
قلنا: إضافة الصفة إلى
النفس أو المعنى فرع على ثبوتها، و نحن لا نثبت له- تبارك و تعالى- بكونه مريدا،
أمرا زائدا على داعيه، على ما فصّلنا القول فيه، فكيف نجعله ذاتيّا او معنويّا.
فإن قيل: إذا ذهبتم إلى
أنّ المرجع بكونه مريدا إلى داعيه، و داعيه المرجع به إلى كونه عالما لذاته، فقد
قلتم بأنّه مريد لذاته، فكيف تمنعون من إضافة كونه مريدا إلى الذات؟
قلنا: هو تبارك و تعالى
عالم لذاته، و لكن داعيه ليس مطلق كونه عالما.
ألا ترى بأنّه يعلم ذاته و
كذا يعلم وجود الموجودات، و لا يدعوه علمه بذاته و بوجود الموجودات إلى شيء.
فإن قيل: فكونه عالما
بالمعلوم الذي يكون داعيا له إلى إيجاده أيضا نفسيّ، فهو مريد لنفسه على قولكم
هذا.
قلت: كونه عالما بذلك
المعلوم و إن كان نفسيّا، إلّا أنّ دعوته إلى الفعل حكم كونه عالما، فلا يضاف إلى
النفس. كما أنّ كون أحدنا عالما بأنّ له في