القول في أنّه تبارك و
تعالى يقدر على جميع أجناس المقدورات و من كلّ جنس على ما لا يتناهى، و انّه يعلم
جميع المعلومات لا يعزب عن علمه شيء
و الذي يدلّ على أنّه قادر
على جميع أجناس المقدورات و من كلّ جنس على ما لا يتناهى، هو ما قد علمنا أنّه
تعالى قادر لذاته من غير مخصّص من قدرة و بينة و إذا كان قادرا من غير مخصّص وجب
أن يقدر على الكلّ، لأنّ الاقتدار على البعض دون البعض تخصّص، و التخصّص يستدعي
مخصّصا بقضيّة العقل، فإذا ارتفع المخصّص وجب ارتفاع التخصيص و شاع التعلّق بجميع
الأجناس.
و بهذه الطريقة نعلم انّه
يجب أن يقدر من كلّ جنس على ما لا يتناهى، بمعنى انّه لا عدد يشار إليه إلّا و هو
تعالى يقدر على أن يزيد عليه، لا بمعنى أنّه يصحّ منه إيجاد ما لا يتناهى، لأنّه
محال. و ذلك لأنّه لا مخصّص يخصّص اقتداره ببعض الأعداد دون البعض.
و بمثل هذا نعلم أنّه
تعالى يعلم جميع المعلومات و وجوبها، لأنّه عالم لذاته من دون مخصّص يخصّصه بالبعض
دون البعض من طريق نحو إدراك أو نظر أو خبر أو غيرها. و إذا كان عالما من دون
مخصّص، وجب أن يعلم كلّ ما يصحّ أن يعلم.
و يبيّن ما ذكرناه: أنّ أحدا
لو ادّعى أنّي أعلم ما في هذا البيت من الجواهر من دون أن أبصرها و أخبرني عنها
صادق، و في الجملة علمت ذلك من دون طريق، لكنّا نقول له و كذا كلّ من يسمع: إنّك
ان كنت صادقا فيما قلت فقل