فنقدّم القول في حدود هذه
الألفاظ، ثمّ نبيّن اتصافه تعالى بها. أمّا القديم ففي عرفنا هذا: ما لا ابتداء
لوجوده، و إن شئت قلت: ما لم يسبق وجوده عدم و الباقي: هو المستمرّ الوجود، و إن
شئت قلت: هو الذي لا يتجدّد وجوده في حال الإخبار عنه بأنّه موجود و الدائم: هو
الذي لا ينقطع وجوده و لا ينعدم.
أمّا الدليل على أنّه
تعالى قديم، فهو أنّه لا يخلو من أن يكون [قديما أو محدثا، فإن كان محدثا، احتاج
إلى محدث. و الكلام في محدثه كالكلام فيه في أنّه لا يخلو من أن يكون قديما أو
محدثا. فان كان][1] قديما، فقد ثبت أن الحوادث تنتهي إلى
قديم، و هو اللّه تعالى؛ و إن كان محدثا احتاج إلى محدث آخر، فيؤدّي إمّا إلى
التسلسل الذي بيّنا إبطاله، حيث بيّنا بطلان القول بحوادث لا إلى أوّل، أو ينتهي
إلى قديم به ينقطع التسلسل، و هو المقصود من ثبوت قدمه تعالى.
فإن قيل: هذا إنّما كان
يدلّ على أن حوادث العالم تنتهي إلى قديم، و لا يدلّ[2] على أنّ الذي تولّى خلق العالم بنفسه هو القديم فبيّنوا ذلك،
لتكونوا قد رددتم على المفوّضة.