و القول في كونه كارها
يجري مجرى القول في كونه مريدا
فمن قال إنّ كونه مريدا
وصف زائد على الداعي قال في كونه كارها إنّه أيضا وصف زائد على الصارف. و يقول
أحدنا: إذا صرفه الصارف عن فعل يجد عن نفسه ذلك الوصف، و كذا إذا نهى غيره عن فعل
يجد من نفسه ذلك الزائد متعلّقا بفعل الغير، و لهذا الزائد كانت صيغة النهي نهيا،
لأنّ من الجائز وقوع صيغة النهي غير نهي بأن يكون تهديدا. فإذا صارت نهيا وجب أن
يكون اختصاصها بكونها نهيا لمزيّة، و هي التي أشرت إليها.
و من يقول انّ كونه مريدا
إنّما هو داعي القادر إلى الفعل، يقول: إنّ كونه كارها إنّما هو صارفه عن الفعل، و
لا يسلّم أنّا نجد عند صارفنا أمرا زائدا على الصارف عن الفعل، و إنّما يصير نهيا
عنده للداعي، و هو الذي أثّر في كون الصيغة نهيا. و معنى ذلك أنّ الناهي يعلم أو يعتقد
أو يظنّ إن كان أحدنا أنّ له أو لمخاطبه صلاحا في أن لا يفعل فعلا فيدعو هذا
الداعي إلى أن يقول له:
لا تفعل، أو يعلم قبح
الفعل فيقول له: لا تفعل لهذا الداعي، و إن كان الناهي هو القديم جلّ جلاله. فإذا
قال للمكلّف: لا تفعل من حيث علم قبح الفعل و أوجد صيغة النهي لهذا الداعي، كان
نهيا. و كذا إذا علم أنّ الأولى بالمكلّف أن لا يفعل فعلا فيقول له: لا تفعل لهذا
الداعي، يكون هذه الصيغة نهيا.
فعلى هذا القول، يمكن
تقسيم نهيه تعالى إلى ما يقتضي قبح المنهيّ عنه،