اتّفق المسلمون على انّه
تعالى مدرك للمدركات، سميع، بصير. ثمّ اختلفوا في معناه: فذهب البغداديّون كلّهم
إلى أنّ معنى كونه تعالى مدركا للمدركات سميعا بصيرا، أنّه عالم بها على جميع
تفاصيلها و ذهب البصريّون إلى أنّ معنى كونه تعالى مدركا للمدركات أنّه حاصل على
وصف زائد على كونه عالما و جميع صفاته.
أمّا كونه سميعا بصيرا،
فقد يعنى به المبالغة في وصفه بأنّه سامع مبصر للمسموعات و المبصرات، فلا يصفونه
بكونه سميعا بصيرا لم يزل على هذا المعنى و قد يراد به أنّه يصحّ أن يسمع
المسموعات و يبصر المبصرات إذا وجدت فيصفونه بكونه سميعا بصيرا لم يزل على هذا
المعنى. و الواجب أن نبيّن ثبوت هذه الصفة في الشاهد و أنّها زائدة على سائر
الصفات، ثمّ نبيّن ثبوتها في الغائب.
فأمّا ثبوت هذه الصفة في
الشاهد فظاهر، و ذلك لأنّ أحدنا يجد من نفسه عند ما يرى مرئيّا أو يسمع صوتا أو
يدرك طعما أو رائحة أو حرارة أو برودة أو ألما- ما كان يجده قبل ذلك، و أجلى
الامور ما يجده الإنسان من نفسه و إنّما المحتاج إلى البيان هو كون هذا الأمر
زائدا على صفاته الأخر.
و الذي يبيّن هذا أنّه قد
يكون قادرا مريدا كارها مشتهيا نافرا، و لا يجد من