[المسألة الثالثة]:
القول في نبوّة نبينا محمّد صلى اللّه عليه و آله
فنقول: و باللّه التوفيق و
العون: الذي يدلّ على نبوّة نبيّنا عليه السلام أنّه ادّعى النبوّة و ظهر عليه
المعجز، و قد بيّنا أنّ المعجز يدلّ على صدق الدعوى التي يطابقها، فيكون عليه
السلام صادقا في دعواه فيكون نبيّا.
فإن قيل: بيّنوا ادّعاءه
النبوّة ثمّ ظهور المعجز عليه، ليتمّ مقصودكم و يصحّ استدلالكم.
قلنا: أمّا ادّعاه النبوّة
فلا شكّ فيه، إذ هو معلوم على حدّ العلم بوجوده و ظهوره و على حدّ العلم بالبلدان
و الوقائع، لا ينازع فيه إلّا جاحد أو معاند يعدّ في السّمنيّة و يشبه
بالسوفسطائيّة، و لهذا يشترك في هذا العلم الوليّ و العدوّ و المسلم و غير المسلم،
فلا أحد يعرف وجوده إلّا و يعرف دعواه النبوّة. إنّما النزاع بين المسلم و غير
المسلم و الولي و العدوّ في صدقه في دعواه، لا في أصل الدعوى.
و أمّا ظهور المعجز عليه،
فمعجزاته كثيرة، أظهرها القرآن. و بيان كون القرآن معجزا أنّه لا شكّ و لا خلاف في
أنّه ظهر عليه- صلوات اللّه عليه- و لم يسمع من غيره قبله، و أنّه تحدّى العرب به
و العرب مع طول المدّة لم يعارضوه. فنقول:
إنّهم إنما لم يعارضوه
للعجز من المعارضة و تعذّرها عليهم. و ذلك التعذّر خارق للعادة.
فإن قيل: جميع ما ذكرتموه
ممنوع منها، إذ هي دعاوي غير مسلّمة فبيّنوا صحّتها.