responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنقذ من التقليد المؤلف : الحمصي الرازي، سديد الدين محمود    الجزء : 1  صفحة : 39

و قيل: العالم هو المتبيّن للشي‌ء. و هذا إن ذكر على سبيل التحديد، لم يصحّ لأنّ العالم أوضح عن المتبيّن، و قد ذكرت فيما خرج من التّعليق أنّ أحدنا عند ما يعلم أمرا من الامور يجد نفسه معتقدة لذلك الأمر، مع سكون نفسه إليه، فالعالم هو من يكون على مثل تلك الحالة، سمي بذلك أو لم يسمّ به. و هذا أيضا إشارة إلى وجدان العالميّة من النفس، و ليس حدّا للعالم.

إذا تقرّر هذا فنقول: الدليل على أنّه تعالى عالم هو أنّه قد فعل الأفعال المحكمة، و الفعل المحكم لا يتأتى إلّا من العالم.

فإن قيل: ما المعنيّ بالفعل المحكم؟ و لم قلتم إنّه صدر منه تعالى الفعل المحكم؟ و لم قلتم إنّ الفعل المحكم لا يتأتّى إلّا من العالم؟.

قلنا: أمّا المراد بالفعل المحكم، فهو الذي يترتّب ترتّبا مطابقا للمنفعة، كالكتابة و النساجة و غيرهما.

و إنّما قلنا: فعل تعالى الأفعال المحكمة، نظرا منّا إلى جملة العالم و تفاصيله.

ألا ترى إلى خلقه السماوات و ما رتّب فيها، من الكواكب و الشّمس و القمر و مجاريها و بعد الشّمس من الأرض و قربها اللّذين يتعلّق بهما اختلاف الفصول، من الرّبيع و الخريف و الصّيف و الشّتاء، و لا يخفى تعلّق المنافع و المصالح باختلاف هذه الفصول. و كذلك القول في الأرض و ما فيها من أنواع النّبات و الحشائش الّتي ينتفع بها أنواع الحيوانات. و كذلك خلقه الحيوانات على اختلاف بناها و أشكالها و آلاتها و حواسّها الّتي بها تتوصّل إلى منافعها التي لو لم تكن لما مكّنها التوصّل إلى تلك المنافع.

و إنّما قلنا: إنّ الفعل المحكم لا يتأتّى إلّا من عالم، لانّه إذا كان المحكم هو الفعل المترتّب على ما ذكرناه و التّرتب يرجع إلى تقديم بعضه و تأخّر البعض، و ما كان كذلك لا يمتنع أن يكون المؤخّر مقدّما، و المقدّم مؤخّرا فلا يمكن تحصيله بمجرّد الاقتدار، و إلّا كان يجب أن يصحّ من كلّ قادر، و المعلوم خلافه.

اسم الکتاب : المنقذ من التقليد المؤلف : الحمصي الرازي، سديد الدين محمود    الجزء : 1  صفحة : 39
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست