تحسن بعثة الأنبياء لما
بعثه اللّه تعالى، و لو لم يجز نسخ الشرائع لما نسخ اللّه تعالى بشريعته سائر
الشرائع، و لكنّا نفصّل القول في هذه المسائل تفصيلا.
المسألة الأولى: في حسن
البعثة
أمّا المسألة الأولى
فالخلاف فيها مع البراهمة، و هم قوم من الهنود يثبتون الصانع و يقرّون بالتوحيد و
طرف من العدل، و لكنّهم ينكرون النبّوّات و الشرائع. و لنا في الكلام عليهم
طريقان، أحدهما على طريق الجملة، و الثاني على طريق التفصيل.
أمّا الكلام على سبيل
الجملة، فهو أن نبيّن أنّ اللّه تعالى بعث أنبياء و صحّت نبوّتهم بما ظهر
عليهم من المعجزات، فلو لم يحسن بعثتهم لما بعثهم اللّه تعالى. و إذا سلكنا معهم
هذا المسلك فالأولى أن نبيّن نبوّة نبيّنا محمّد صلى اللّه عليه و آله و انّ اللّه
بعثه إلى الخلق لتندرج فيه المسائل الثلاث، على ما ذكرناه.
و أمّا الكلام على سبيل
التفصيل، فهو أن نقول: إنّ البعثة ممّا يتصوّر أن يكون فيها غرض صحيح، فإذا
تعرّت من سائر وجوه القبح وجب أن تكون حسنة.
فإن قيل: و ما الغرض الذي
يتصوّر، ثبوته في البعثة؟ و لم قلتم إنّها متعرّية من سائر وجوه القبح؟
قلنا: أمّا الغرض الذي
يتصوّر ثبوته في البعثة، فالغالب الظاهر فيه هو تعريف المكلّفين مصالحهم و
مفاسدهم، و ذلك لأنّه لا يمنع أن يعلم اللّه تعالى أنّ في أفعال المكلّفين ما إذا
فعلوه، دعاهم إلى الطاعة و صاروا حريصين عليها، فيجب عليه تعالى أن يعرّفهم ذلك،
كما انّ الوالد إذ علم أنّ ولده متى فعل فعلا دعاه إلى التعلّم و التأدّب، و متى
فعل فعلا آخر دعاه إلى التخلّف و ترك