اعلم أنّ قولنا «نبيّ» اسم
لم علت منزلته و ارتفع قدره لقيامه بأعباء الرسالة و العزم على أدائها إذ كان من
البشر، و لم يكن أداؤه بواسطة بشر. و إنما قلنا ذلك لأنّه مشتق من النباوة التي هي
الارتفاع، بدلالة قول الشاعر:
لأصبح رثما دقاق الحصى
مكان النبيّ من الكاتب
تقدير البيت: لأصبح مكان
النبيّ من الكاتب مدقوق الحصى، مرثومه أراد به المرتفع من الأرض، و الكاثب. و
إنّما قيّدنا بقولنا: «إذا كان من البشر»، لأنّ الملك لا يسمّى نبيّا و إن كان
رسولا، و التقييد بقولنا «و لم يكن أداؤه بواسطة بشر»، هو لأنّه لو أدّى بواسطة بشر،
كعمّال النبيّ و ولاته، لم يسمّ نبيّا و هذا اللفظ يستعمل مشددا غير مهموز. و
يستعمل مهموزا غير مشدّد.
فإذا استعمل مشدّدا غير
مهموز فهو من النباوة التي هي الارتفاع، كما ذكرناه، و إذا كان مهموزا فهو من
النبأ الذي هو الخبر، و لا يجري هذا اللفظ على النبيّ، عليه السّلام، مهموزا و إن
حصل فيه معناه الذي هو الإنباء و الإخبار، لأنّه كان، عليه السلام، ينبئ و يخبر عن
اللّه تعالى و عن الغيوب. لما روي عنه، عليه السلام، أنّه سمع رجلا يقول له يا
نبيء اللّه، فقال: لست نبيء اللّه، إنّما أنا نبيّ اللّه، و لما روي عنه، عليه
السلام، أيضا انّه قال: «لا تنبزوا باسمي»، أي لا تهمزوه.