الحيوان بقتل ظالم له فذلك
ظلم و جور من جهة الظالم، و ان بطلت حياته من قبل اللّه تعالى فذلك حكمة و صواب. و
قد يكون ذلك لطفا لبعض المكلّفين غير الميّت، إذ لا يتصوّر أن يكون موته لطفا من
حيث انّه بعد الموت يزول عنه التكليف ببطلان حياته و عقله و تمكّنه، فكيف بلطف له،
و ما يقدّر لطفا له فبما ذا يكون لطفا. اللّهمّ إلّا أن يقال في إعلامه ذلك في
زمان تكليفه لطف له فيصحّ، و لكن ذلك اللطف يكون في اعلامه أنّه يموت و لا يكون في
نفس موته علم، فيكون قولنا: إنّ موته نفس إنّما يتصوّر أن يكون لطفا لغيره لا له.
و اعلم أنّ كلّ حيوان فليس
له إلّا أجل واحد حقيقة، و ما علم تعالى أنّه لو لم يمت بالسبب الذي مات به أولم
يقتل فيمن قتل لكان يعيش إليه لا يسمّى أجلا حقيقة، و إنّما يسمّى بذلك تجوّزا و
توسّعا و بيانه: أنّه لو جاز أن يسمّى المقدّر أجلا، لجاز أن يسمّى المقدّر ملكا و
رزقا. فكان يجوّز أن تقول في ملك غيرنا و رزق غيرنا أنّه ملك لنا و رزق لنا بتقدير
أنّ مالكه لو وهبه لنا لكان ملكا لنا و رزقا لنا، و كان يجوز أن نقول: لنا وطئ
زوجة الغير، بتقدير أن يموت ذلك الغير أو يطلّقها فتنكحها بعد انقضاء عدّتها.
امّا قوله تعالى: «قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ»[1] فقد ذكر فيه وجهان:
أحدهما: أنّه تعالى ما صرّح بأنّهما أجلان لما ذا؟ و إذا لم يصرّح بذلك فمن
الجائز أن يكون أحد الأجلين أجل الحياة لأنّ الحياة أيضا ممّا يتصوّر أن يكون لها
أجل، و الأجل الآخر يكون أجلا للموت.
و الوجه الآخر: أن يحمل الأجل الآخر على المقدّر مجازا و على طريق التوسّع، إذ
المجاز في القرآن أكثر من أن يحصى.