يجب العوض هنا علينا، بل
كان يلزم وجوب العوض على السيّاف، لأنّه الأصل في التمكين من القتل بأن قال: أ لست
تقول إنه تعالى إذا ألجأها إلى ذلك فانّه يفضل[1] العوض إليه على أنّه لم يبعثها[2] على المضارّ و لا أطلق لها و إنّما مكّنها منها.
قال: فإن قال: الإلجاء
أشدّ من البعث عليها. قيل: و خلق الشهوة فيها، إلى غير ذلك. و إلهامها لها فيه من
المنفعة مع أنّه لم يمنعها منه بوجه من الوجوه أشدّ من البعث عليها، فيجب أن ينتقل
إليه العوض.
قال: و ليس كذلك دفع السيف
إلى الغير، لأنّه ممنوع من القتل عقلا بتقرير قبحه في عقله. و سمعا بالنهي، فلم
يجب أن ينتقل العوض عنه إلى تمكّنه باعطاء السيف أو حمله.
و أجاب أيضا عمّا احتجّ و
استدلّ به القاضي ثالثا من أنّ عوض مضارّها لو انتقل إليه تعالى، لكان موفيا
كالعوض فيما يفعل بأمره تعالى او إباحته و إطلاقه و إلجائه من الآلام. و لو كان
كذلك لكانت تلك المضارّ و الآلام حسنة، و لو كانت حسنة لقبح منّا أن نمنعها منها،
بل كان يلزم أن يقبح منافعها من مواشينا، بأن عارضه بالإلجاء الذي يذهب القاضي إلى
أنّ العوض فيه ينتقل إليه تعالى، على ما حكيناه عنه و قال إذا ألجأها إلى تلك
المضارّ، فلا بدّ من أن تكون حسنة، فلو كانت قبيحة لكان تعالى قد ألجأها إلى
القبيح، و ذلك قبيح، و إذا كانت حسنة بأن تكفّل اللّه تعالى في مقابلتها بالأعواض
الموفية وجب أنّ لا يحسن منّا بل يقبح منعها و لو عن مواشينا، فما يجيب به فهو
جوابنا بعينه.
و نحن نقول: إنّما يحسن
منّا منعها إذا دفعنا بمنعها المضرّة عن أنفسنا بأن