القول في أنّ عوض إيلام
من ليس بعاقل غيره، على من يكون؟
ذكر القاضي عن بعض أصحاب
أبي عليّ أنّ العوض في ذلك يجب على اللّه تعالى و أنّه نسب قوله و مذهبه هذا إلى
أبي عليّ و ذهب قاضي القضاة إلى أنّ العوض في ذلك يكون على المؤلم دونه تعالى اذ
لم يلجئه اللّه تعالى إلى ذلك الألم قال: فأمّا إذا ألجأه إليه بالجوع و ما يجري
مجراه من الوجوه الملجئة فالعوض عليه تعالى.
و اختار صاحب الفائق
المذهب الأوّل المنسوب إلى أبي عليّ، و دلّ على صحّته بأن قال: «إنّه تعالى أقدر
غير العقلاء من البهائم و السباع و الهوامّ و الصبيان و المجانين على إيلام الغير
و إيصال المضارّ إليه، و خلق الشهوة في بعضها إلى أسباب تلك الآلام و المضارّ، كما
علمناه من شهوة السباع إلى الافتراس و أكل اللحوم، و عرّفها ما لها في ذلك من
المنفعة و لم يمنعها منه بضروب من ضروب المنع، لا بخلق العلم، بقبح ذلك عنها فيها
و لا بالنهي و لا بالجبر. و ذلك إغراء لها على إيصال تلك الآلام. فلو لم يضمن
تبارك و تعالى أعواض تلك الآلام لكان إغراؤه تعالى لها على إيصال تلك الآلام و
المضارّ بما لا يستحقّها و لا له فيها منفعة عاجلة قبيحا، خصوصا على مذهب القاضي
أنّ تلك الآلام قبيحة منها و ان لم يستحقّ بها الذمّ، لأنّه يكون إغراء على
القبيح.
و أجاب عمّا قاله القاضي
من أنّه تعالى و إن مكنها من هذا الإضرار و خلق