اختلف العقلاء في هذه
المسألة، فذهب النظّام إلى أن الحيّ المكلّف إنّما هو روح منساب في البدن. و أثبته
معمّر جزءا في القلب و ابن الإخشيد يثبته جسما منسابا في البدن متدرعا متقمصا به و
يقول انّه إذا قطع بعض اطراف البدن، كاليد أو الرجل أو غيرهما، فانّه يتقلّص في
الغالب فلا يتلف و ربما لم يتقلّص فيتلف، و إذا وسّط البدن أو جزّت رقبته لا
يتقلّص فيتلف، و كانّه يقول:
لا يمكنه التقلّص عند
التوسيط و لا عند جزّ الرقبة.
و عند الفلاسفة المثبتين
للنفس أنّ الحيّ العاقل الذي يحسن و يوافق الحكمة أن يخاطب و يوجّه نحوه التكليف
هو النفس، و هي عندهم ليست منطبعة في البدن و لا. حالة في جزء منه، بل و ليست هي
حالة في جسم ما أصلا و لا موجودة في جهة. و يقولون إنّها تستعمل البدن بواسطة قوى
في البدن يذكرون تفصيلها، فهي الفاعلة و هي العاقلة و يقولون إنّها لا تموت و
لكنّها تفارق البدن عند موت البدن، بمعنى انّها بعد موته تفرغ من استعماله.
و ذهب أكثر المحققين من
المتأخرين المتكلّمين إلى أنّ الحيّ الفعّال المكلّف من الناس إنّما هو هذه الجملة
المبنيّة ببنية بني آدم، و هو الصحيح.
و الذي يدلّ على صحّته ما
قد علمنا من أنّ عند صحّة هذا البدن و اعتدال مزاجه يصحّ أن يدرك الانسان و يقدر و
يعلم، و عند فساد اعتدال مزاجه