ذهبت المجبّرة إلى جواز
تكليف اللّه تعالى العبد ما لا يطيقه، بل إلى أنّه قد كلّف الكافر و العاصي ما لا
يطيقانه، بل إلى أنّه قد كلّف كلّ من كلّفه ما لا يطيقونه عند التحقيق و التنقير.
أمّا أنّ العاصي و الكافر
غير مطيقين للإيمان و الطاعة فظاهر و ذلك لأنّ عندهم القدرة مع الفعل، فليس في
الكافر قدرة الإيمان و لا في العاصي قدرة الطاعة.
و أمّا المطيع فانّ اللّه
تعالى خلق فيه الطاعة، و لا قدرة للعبد عليها عند جهم، و عند من قال منهم: بأنّ في
العبد قدرة، فانّ تلك القدرة ليست قدرة على إحداث الفعل عندهم.
و من قال منهم: إنّ العبد
مكتسب، و فسر الكسب بأنّه حلول الفعل في المحلّ مع قدرة متعلّقه به، من دون أن
يكون للقدرة تأثير في الفعل، فانّ العبد لا يقدر على الكسب أيضا، إذ ليس حلول
الفعل و القدرة و تعلّق القدرة بالفعل بالعبد، و لا أثر للعبد في شيء من ذلك.
فعلى هذا التحقيق، العبد غير متمكّن من الكسب أيضا.
و من فسر الكسب منهم بأنّه
صفة للفعل يحصل بقدرة العبد، فقد أحال على ما لا يعقل على ما بيّن في مواضع من
الكتب، و قد أشرنا إليه فيما سبق.