فإن قيل: إذا كان من
مذهبكم انّ العبد فاعل لتصرفاته طاعته و معصيته و كفره و إيمانه، فما معنى الهدى،
الضلال اللذين[1] أضافهما اللّه تعالى إلى نفسه في آي
من القرآن؟ مثل قوله تعالى: «يُضِلُّ بِهِ
كَثِيراً وَ يَهْدِي بِهِ كَثِيراً»[2]، و قوله: «فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ
يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ، وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ،
يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً»[3]، إلى غيرهما من الآيات المتضمّنة لما ذكرناه أو ليس ظاهر هذه الآيات
يقتضي أنّ اللّه تعالى يخلق في العبد الإيمان و الكفر؟
قلنا: الهدى قد يفيد
الاثابة، كقوله تعالى: «يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ
بِإِيمانِهِمْ»[4]، أي يثيبهم، و كقوله: «وَ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ
أَعْمالَهُمْ، سَيَهْدِيهِمْ وَ يُصْلِحُ بالَهُمْ»[5]، أي سيثيبهم. و قد يكون بمعنى الدّلالة على الحقّ، و ذلك كما في
قوله تعالى: «وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى
عَلَى الْهُدى»[6]، و قد يكون بمعنى فعل الإيمان.
و كذلك الضلال قد يجيء
بمعنى الهلاك و الإهلاك. و ذلك كما في قوله