و يحكى عنه أيضا أنه قال:
الخلق غير المخلوق، و الإحداث غير المحدث.
و حكى جعفر بن حرب عنه أنه
قال: إن اللّه تعالى محال أن يعلم نفسه؛ لأنه يؤدي إلى ألا يكون العالم و المعلوم
واحدا، و محال أن يعلم غيره، كما يقال محال أن يقدر على الموجود من حيث هو موجود،
و لعل هذا النقل فيه خلل؛ فإن عاقلا ما لا يتكلم بمثل هذا الكلام الغير[1] معقول.
لعمري لما كان الرجل يميل
إلى الفلاسفة، و من مذهبهم: أنه ليس علم الباري تعالى علما انفعاليا، أي تابعا
للمعلوم، بل علمه علم فعلي؛ فهو من حيث هو فاعل عالم، و علمه هو الذي أوجب الفعل،
و إنما يتعلق بالموجود حال حدوثه لا محالة، و لا يجوز تعلقه بالمعدوم على استمرار
عدمه، و أنه علم و عقل، و كونه عقلا، و عاقلا، و معقولا شيء واحد، فقال ابن عباد:
لا يقال: يعلم نفسه، لأنه قد يؤدي إلى تمايز بين العالم و المعلوم. و لا يعلم
غيره؛ لأنه يؤدي إلى كون علمه من غيره يحصل، فإما أن لا يصح النقل، و إما أن يحمل
على مثل هذا المحمل، و لسنا من رجال ابن عباد فنطلب لكلامه وجها.
أصحاب عيسى بن صبيح[3] المكنى بأبي موسى، الملقب بالمردار[4]. و قد تلمذ لبشر بن المعتمر، و أخذ
العلم منه و تزهد، و يسمى راهب المعتزلة. و إنما انفرد عن أصحابه بمسائل:
الأولى منها: قوله في
القدر إن اللّه تعالى يقدر على أن يكذب و يظلم، و لو كذب و ظلم كان إلها كاذبا
ظالما، تعالى اللّه عن قوله[5].
[2] راجع في شأن هذه
الفرقة: التبصير ص 47 و الفرق بين الفرق ص 164.
[3] راجع في شأن هذه
الفرقة: التبصير ص 47 و الفرق بين الفرق ص 164.
[4] هو أبو موسى: عيسى
بن صبيح، و لقبه المردار و في طبقات المعتزلة «ابن المردار» قال ابن الإخشيد:
هو من علماء المعتزلة و
من المقدمين فيهم، و كان ممن أجاب بشر بن المعتمر، و من جهة أبي موسى انتشر
الاعتزال في بغداد، توفي في حدود سنة 226 ه. (راجع طبقات المعتزلة ص 70- 71).
[5] هذا القول لا يليق
إلّا بدينه الرقيق الذي ليس له تحقيق. (التبصير ص 47).