إني لا أقول بحركات لا
تتناهى آخرا، كما لا أقول بحركات لا تتناهى أولا، بل يصيرون إلى سكون دائم. و كأنه
ظن أن ما لزمه في الحركة لا يلزمه في السكون.
السادسة: قوله في
الاستطاعة إنها عرض من الأعراض غير السلامة و الصحة و فرق أفعال القلوب و أفعال
الجوارح. فقال لا يصح وجود أفعال القلوب منه مع عدم القدرة فالاستطاعة معها في حال
الفعل. و جوز ذلك في أفعال الجوارح و قال بتقدمها فيفعل بها في الحال الأولى و إن
لم يوجد الفعل إلا في الحال الثانية، قال «فحال يفعل» غير «حال فعل» ثم ما تولد من
فعل العبد فهو فعله، غير اللون و الطعم و الرائحة و كل ما لا يعرف كيفيته. و قال
في الإدراك و العلم الحادثين في غيره عند إسماعه و تعليمه: إن اللّه تعالى يبدعهما
فيه، و ليسا من أفعال العباد.
السابعة: قوله في المكلف
قبل ورود السمع: إنه يجب عليه أن يعرف اللّه تعالى بالدليل من غير خاطر، و إن قصر
في المعرفة استوجب العقوبة أبدا. و يعلم أيضا حسن الحسن و قبح القبيح، فيجب عليه
الإقدام على الحسن كالصدق و العدل، و الإعراض عن القبيح كالكذب و الجور. و قال
أيضا بطاعات لا يراد بها اللّه تعالى، و لا يقصد بها التقرب إليه؛ كالقصد إلى
النظر الأول، و النظر الأول فإنه لم يعرف اللّه بعد، و الفعل عباده. و قال في
المكره: إذا لم يعرف التعريض و التورية فيما أكره عليه فله أن يكذب، و يكون و زره
موضوعا عنه.
الثامنة: قوله في الآجال و
الأرزاق: إن الرجل إن لم يقتل مات في ذلك الوقت و لا يجوز أن يزاد في العمر أو
ينقص و الأرزاق على وجهين:
أحدهما: ما خلق اللّه
تعالى من الأمور المنتفع بها يجوز أن يقال: خلقها رزقا للعباد، فعلى هذا من قال:
إن أحدا أكل أو انتفع بما لم يخلقه اللّه رزقا فقد أخطأ لما فيه أن في الأجسام ما
لم يخلقه اللّه تعالى.
و الثاني: ما حكم اللّه به
من هذه الأرزاق للعباد، فما أحل منها فهو رزقه، و ما حرم فليس رزقا، أي ليس مأمورا
بتناوله.