منهم لحمايته من جنسه، و
نشأ بعد ذلك إلى أن بلغ ثلاثين سنة فبعثه اللّه تعالى نبيا و رسولا إلى الخلق،
فدعا كشتاسب الملك، فأجابه إلى دينه، و كان دينه: عبادة اللّه، و الكفر بالشيطان،
و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و اجتناب الخبائث.
و قال: النور و الظلمة
أصلان متضادان، و كذلك يزدان و أهرمن، و هما مبدأ موجودات العالم، و حصلت التراكيب
من امتزاجهما، و حدثت الصور من التراكيب المختلفة، و الباري تعالى خالق النور و
الظلمة و مبدعهما، و هو واحد لا شريك له و لا ضد، و لا ند، و لا يجوز أن ينسب إليه
وجود الظلمة، كما قالت الزروانية. لكن الخير و الشر و الصلاح و الفساد، و الطهارة،
و الخبث، إنما حصلت من امتزاج النور و الظلمة، و لو لم يمتزجا لما كان وجود
العالم، و هما يتقاومان و يتغالبان إلى أن يغلب النور الظلمة و الخير الشر، ثم
يتخلص الخير إلى عالمه، و الشر ينحط إلى عالمه، و ذلك هو سبب الخلاص، و الباري
تعالى هو الذي مزجهما و خلطهما لحكمة رآها في التراكيب، و ربما جعل النور أصلا، و
قال: وجوده وجود حقيقي، و أما الظلمة فتبع كالظل بالنسبة إلى الشخص، فإنه يرى أنه
موجود، و ليس بموجود حقيقة، فأبدع النور و حصل الظلام تبعا، لأن من ضرورة الوجود
التضاد، فوجوده ضروري واقع في الخلق لا بالقصد الأول، كما ذكرنا في الشخص و الظل.
و له كتاب قد صنفه، و قيل
إن ذلك أنزل عليه و هو «زند أوستا» يقسم العالم قسمين: مينة، و كيتي، يعني
الروحاني و الجسماني، أو الروح و الشخص، و كما قسم الخلق إلى عالمين، يقول إن ما
في العالم ينقسم قسمين: بخشش و كنش، يريد به:
التقدير و الفعل و كل واحد
مقدر على الثاني، ثم يتكلم في موارد التكليف و هي حركات الإنسان، فيقسمها ثلاثة
أقسام: منش، و كويش، و كنش، يعني بذلك: الاعتقاد و القول و العمل، و بالثلاثة يتم
التكليف، فإذا قصر الإنسان فيها خرج عن الدين و الطاعة، و إذا جرى في هذه الحركات
على مقتضى الأمر و الشريعة فاز الفوز الأكبر.
و تدعى الزردشتية له
معجزات كثيرة، منها: دخول قوائم فرس كشتاسب في بطنه و كان زردشت في الحبس، فأطلقه
فانطلقت قوائم الفرس، و منها أنه مرّ على أعمى