قد بينا كيفية تحقيق
الكتاب، و ميزنا بين حقيقة الكتاب و شبهة الكتاب، و أن الصحف التي كانت لإبراهيم
عليه السلام كانت شبهة كتاب. و فيها مناهج علمية، و مسالك عملية.
أما العمليات فتقرير كيفية
الخلق و الإبداع، و تسوية المخلوقات على سنّة نظام و قوام تحصل منها حكمته
الأزلية، و تنفذ فيها مشيئته السرمدية[1]. ثم تقرير التقدير و الهداية عليها، ليتقدر كل نوع و صنف بقدره
المحكوم المحتوم، و يقبل هدايته السارية في العالم بقدر استعداده المعلوم، و العلم
كل العلم لا يعدو هذين النوعين، و ذلك قوله تعالى:
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى* الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى* وَ الَّذِي قَدَّرَ
فَهَدى[2] و قال عز و جل خبرا عن إبراهيم عليه
السلام: الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ[3] و خبرا عن موسى عليه السلام. الَّذِي
أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى[4].
و أما العمليات، فتزكية
النفوس عن درن الشبهات، و ذكر اللّه تعالى بإقامة العبادات، و رفض الشهوات
الدنيوية، و إيثار السعادات الأخروية، و لن يحصل البلوغ