و أربعمائة؛ و ذلك بعد أن
هاجر إلى بلاد إمامه. و تلقى منه كيفية الدعوى لأبناء زمانه، فعاد و دعا الناس أول
دعوة إلى تعيين إمام صادق قائم في كل زمان، و تمييز الفرقة الناجية[1] عن سائر الفرق بهذه النكتة و هي: أن
لهم إماما، و ليس لغيرهم إمام. و إنما تعود خلاصة كلامه بعد ترديد القول فيه عودا
على بدء بالعربية و العجمية إلى هذا الحرف.
و نحن ننقل ما كتبه
بالعجمية إلى العربية، و لا معاب على الناقل، و الموقف من اتبع الحق، و اجتنب
الباطل، و اللّه الموفق و المعين.
فنبدأ بالفصول الأربعة
التي ابتدأ بها دعوته، و كتبها عجمية فعربتها:
الأول: قال: للمفتي في
معرفة اللّه تعالى أحد قولين: إما أن يقول أعرف الباري تعالى بمجرد العقل و النظر
من احتياج إلى تعليم معلم. و إما أن يقول: لا طريق إلى المعرفة مع العقل و النظر
إلا بتعليم معلم. قال: و من أفتى بالأول فليس له الإنكار على عقل غيره و نظره.
فإنه متى أنكر فقد علم، و الإنكار تعليم، و دليل على أن المنكر عليه محتاج إلى
غيره. قال: و القسمان ضروريان؛ لأن الإنسان إذا أفتى بفتوى، أو قال قولا، فإما أن
يعتقده من نفسه، أو من غيره.
هذا هو الفصل الأول، و هو
كسر[2] على أصحاب الرأي و العقل.
- موت و معناها بلسان
الديلم تعليم العقاب. و يقال لذلك الموقع و ما يجاوره طالقان و فيها قلاع حصينة
أشهرها الموت و كانت هذه النواحي في ضمان شرفشاه الجعفري و قد استئاب فيها رجلا
علويا فيه بله و سلامة صدر. و كان الحسن بن الصباح قد اتهمه أبو مسلم صهر نظام
الملك بدخول جماعة من دعاة المصريين، فهرب منه خوفا على نفسه فاستقرّ به المطاف
إلى قلعة الموت فلما رآها و اختبر أهل تلك النواحي أقام عندهم و طمع في إغوائهم و
دعاهم في السرّ و أظهر الزهد و لبس المسح فتبعه أكثرهم و العلوي قد أحسن الظن به
فقر به و أخذ يتبرّك به فلما أحكم الحسن أمره أخرج العلوي من القلعة و استولى
عليها. (راجع ابن الأثير 10: 117).
[1] «إن النبي صلّى
اللّه عليه و سلّم لما ذكر افتراق أمته بعده ثلاثا و سبعين فرقة، و أخبر أن فرقة
واحدة منها ناجية، سئل عن الفرقة الناجية و عن صفتها فأشار إلى الذين هم على ما
عليه هو و أصحابه. و لسنا نجد اليوم من فرق الأمة من هم على موافقة الصحابة رضي
اللّه عنهم غير أهل السنّة و الجماعة من فقهاء الأمة ...».
(راجع الفرق بين الفرق
ص 318).
[2] نقول: كسر عليه، و
كسر فلان على طرفه: أي غضّ منه. (اللسان مادة كسر).