تركهما على نية القضاء لم
يكفر، و من قتل نبيا أو لطمه كفر، لا من أجل القتل و اللطم، و لكن من أجل
الاستخفاف و العداوة و البغض.
و إلى هذا المذهب ميل ابن
الراوندي، و بشر المريسي، قالا: الإيمان هو التصديق بالقلب و اللسان جميعا، و
الكفر هو الجحود و الإنكار، و السجود للشمس و القمر و الصنم ليس بكفر في نفسه و
لكنه علامة الكفر.
6- الصالحية
أصحاب صالح[1] بن عمر الصالحي، و الصالحي، و محمد بن
شبيب، و أبو شكر، و غيلان؛ كلهم جمعوا بين القدر و الإرجاء، و نحن و إن شرطنا أن
نورد مذاهب المرجئة الخالصة إلا أنه بدا لنا في هؤلاء، لانفرادهم عن المرجئة
بأشياء.
فأما الصالحي فقال:
الإيمان هو المعرفة باللّه تعالى على الإطلاق، و هو أن للعالم صانعا فقط، و الكفر
هو الجهل به على الإطلاق، قال: و قول القائل: ثالث ثلاثة، ليس بكفر لكنه لا يظهر
إلا من كافر، و زعم أن معرفة اللّه تعالى هي المحبة و الخضوع له. و يصح ذلك مع حجة
الرسول، و يصح في العقل أن يؤمن باللّه، و لا يؤمن برسوله، غير أن الرسول عليه
الصلاة و السلام قد قال: «من لا يؤمن بي فليس بمؤمن باللّه تعالى» و زعم أن الصلاة
ليست بعبادة اللّه تعالى، و أنه لا عبادة له إلا الإيمان به، و هو معرفته؛ و هو
خصلة واحدة لا يزيد و لا ينقص، و كذلك الكفر خصلة واحدة لا يزيد و لا ينقص.
و أما أبو شمر المرجئ
القدري، فإنه زعم أن الإيمان هو المعرفة باللّه عز و جل، و المحبة و الخضوع له
بالقلب و الإقرار به أنه واحد ليس كمثله شيء، ما لم تقم عليه حجة الأنبياء عليهم
الصلاة و السلام، فإذا قامت الحجة فالإقرار بهم و تصديقهم من الإيمان و المعرفة، و
الإقرار بما جاءوا به من عند اللّه غير داخل في
[1] في «الفرق بين
الفرق»، أنه من شيوخ المعتزلة و هو من الواقفية في وعيد مرتكبي الكبائر و قد أجاز
من اللّه تعالى مغفرة ذنوبهم من غير توبة.