أصحاب أبي عبد اللّه محمد
بن كرام[2]. و إنما عددناه من الصفاتية لأنه كان
ممن يثبت الصفات إلا أنه ينتهي فيها إلى التجسيم و التشبيه. و قد ذكرنا كيفية
خروجه و انتسابه إلى أهل السنّة فيما قدمنا ذكره.
و هم طوائف بلغ عددهم إلى
اثنتي عشرة فرقة. و أصولها ستة: العابدية، و التونية، و الزرينية، و الإسحاقية، و
الواحدية، و أقربهم الهيصمية[3]، و لكل واحدة منهم رأي إلا أنه لما لم يصدر ذلك عن علماء معتبرين،
بل عن سفهاء اغتام جاهلين لم نفردها مذهبا و أوردنا مذهب صاحب المقالة، و أشرنا
إلى ما يتفرع منه.
نص أبو عبد اللّه على أن
معبوده على العرش استقرارا، و على أنه بجهة فوق ذاتا، و أطلق عليه اسم الجوهر،
فقال في كتابه المسمى عذاب القبر إنه أحديّ الذات، أحديّ الجوهر، و إنه مماس للعرش
من الصفحة العليا، و جوز الانتقال، و التحول، و النزول، و منهم من قال إنه على بعض
أجزاء العرش، و قال بعضهم:
امتلأ العرش به، و صار
المتأخرون منهم إلى أنه تعالى بجهة فوق، و أنه محاذ للعرش.
ثم اختلفوا فقالت
العابدية: إن بينه و بين العرش من البعد و المسافة ما لو قدر مشغولا بالجواهر لاتصلت
به، و قال محمد[4] بن الهيصم: إن بينه و بين العرش بعدا
[1] راجع في شأن هذه
الفرقة. (التبصير ص 65 و الفرق بين الفرق ص 215).
[4] محمد بن الهيصم،
متكلم الكرامية، و قد ذهب إلى أنه تعالى ذات موجودة منفردة بنفسها عن سائر
الموجودات لا تحلّ شيئا حلول الأعراض و لا تمازج شيئا ممازجة الأجسام بل هو مباين
للمخلوقين إلّا أنه في جهة فوق بينه و بين العرش بعد لا يتناهى. هكذا يحكي
المتكلمون عنه. و لم اره في شيء من تصانيفه و أحالوا ذلك لأن ما لا يتناهى لا
يكون محصورا بين حاصرتين و أنا أستبعد عنه هذه الحكاية لأنه كان أذكى من أن يذهب
عليه فساد هذا القول. (راجع ابن أبي الحديد أول ص 291).