responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد المؤلف : الجویني، عبد الملك    الجزء : 1  صفحة : 88

العبد لا تؤثر في متعلقها. فإن استبعد الخصوم ذلك، و رجعوا إلى كون العبد مطالبا، فقد قدمنا ما فيه إقناع في الانفصال.

فصل‌

اعلم، وفقك اللّه تعالى لمرضاته، أن كتاب اللّه العزيز اشتمل على آي دالة على تفرد الرب تعالى بهداية الخلق و إضلالهم، و الطبع على قلوب الكفرة منهم، و هي نصوص لإبطال مذاهب مخالفي أهل الحق. و نحن نذكر غرضنا من آيات الهدى و الضلال، ثم نتبعها بالآي المحتوية على ذكر الختم و الطبع.

فمما يعظم موقعه عليهم، قوله تعالى: وَ اللَّهُ يَدْعُوا إِلى‌ دارِ السَّلامِ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى‌ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‌ [سورة يونس: 25]؛ و قوله تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [سورة القصص: 56]؛ و قوله تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً [سورة الأنعام: 125]؛ و قال عز و جل: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَ مَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ‌ [سورة الأعراف: 178].

و اعلم أن الهدى في هذه الآية لا يتجه حمله إلا على خلق الإيمان، و كذلك لا يتجه حمل الإضلال على غير خلق الضلال. و لسنا ننكر ورود الهداية في كتاب اللّه عز و جل على غير المعنى الذي رمناه، فقد يرد و المراد به الدعوة؛ قال اللّه تعالى: وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‌ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‌ [سورة الشورى: 52]، معناه و إنك لتدعو.

و قد ترد الهداية و يراد بها إرشاد المؤمنين إلى مسالك الجنان و الطرق المفضية إليها يوم القيامة، قال اللّه تعالى: فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ، سَيَهْدِيهِمْ وَ يُصْلِحُ بالَهُمْ‌ [سورة محمد: 4- 5]؛ فذكر اللّه تعالى المجاهدين في سبيله و عنى بهم المهاجرين و الأنصار، ثم قال: «سَيَهْدِيهِمْ»، فينبغي حمل الآية على ما ذكرناه. و قال اللّه تعالى في الكفار: فَاهْدُوهُمْ إِلى‌ صِراطِ الْجَحِيمِ‌ [سورة الصافات: 23]، معناه اسلكوا بهم إليها، و المعنى بقوله تعالى: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ‌ [سورة فصلت: 17]، الدعوة؛ و معنى الآية، أنا دعوناهم فاستحبوا العمى على ما دعوا إليه من الهدى.

و إنما أشرنا إلى انقسام معنى الهدى و الضلال، لتحيطوا علما بأننا لا ننكر ورود الهدى و الضلال على غير معنى الخلق، و لكنا خصصنا استدلالنا بالآي التي صدرنا الفصل بها. و لا سبيل إلى حملها على الدعوة، فإنه تعالى فصل بين الدعوى و الهداية، فقال: وَ اللَّهُ يَدْعُوا إِلى‌ دارِ السَّلامِ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [سورة يونس؛ 25]، فخصص الهداية و عمم الدعوة، و هذا مقتضى ما استدللنا به من الآيات. و لا وجه لحملها على الإرشاد إلى طريق الجنان، فإن اللّه تعالى علق الهداية على مشيئته و إرادته و اختياره. و كل مستوجب الجنان، فحتم على اللّه عند المعتزلة أن يدخله الجنة. و قوله‌

اسم الکتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد المؤلف : الجویني، عبد الملك    الجزء : 1  صفحة : 88
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست