اسم الکتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد المؤلف : الجویني، عبد الملك الجزء : 1 صفحة : 3
المقدمة
بسم اللّه الرّحمن
الرّحيم
لمحة عن عصر المؤلف و
حياته
إنه لا يغيب عن أحد أبدا
ما وصلت إليه النهضة العلمية و الفكرية و الأدبية و الفلسفية في العصر العباسي
بالرغم من كثرة القلاقل و تزاحم الفتن و تعدد المذاهب و الآراء، أضف إلى ذلك
المنزلة الواهية التي انحطت إليها الخلافة و ينتج عن ذلك كثير من الدويلات
كالحمدانية بالجزيرة و السامانية فيما وراء النهر، ثم الفساد الإداري و جور الولاة
و السلاطين مما أدى إلى اضطراب الحياة الاجتماعية في ذلك العصر.
بالرغم من كل هذا فإن
الحقبة تلك كانت من أزهى حقبات الزمان و أغزرها فكرا و علما و فنا، حيث الأمراء و
الولاة يتنافسون على تشجيع العلماء و الشعراء و النابغين في بلاد اجتمعت فيها
ثقافات أمم مختلفة- العرب، فارس، الروم، اليونان، و الهند- فتعددت بذلك المذاهب و
انتشرت الآراء و الأفكار، و راح كل مذهب يحاول الظهور و الانتصار على غيره من
المذاهب فكان لا بدّ من بروز فكر جديد قائم على الإقناع و البرهان.
و من هذه المذاهب التي
انتشرت آنذاك المعتزلة الذين مجدوا العقل، و الشيعة الذين ينتظرون الإمام، و
الرافضة الذين لا يتوانون أبدا للسيطرة على الحكم، و الفلاسفة الذين يحاولون بكل
جهد أن يبثوا أفكارهم، ثم الأشاعرة الذين انبروا لدحض كل باطل و نصر كل عقيدة
سليمة قائمة على الكتاب و السنة. و كان من بين العلماء الذين تصدوا للدفاع عن العقيدة
الصحيحة عقيدة أهل السنة و الجماعة مؤلف كتاب «الإرشاد».
هو عبد الملك ابن الشيخ
أبي محمد عبد اللّه بن يوسف بن عبد اللّه بن يوسف بن محمد بن حيويه، أبو المعالي
الجويني- و جوين من قرى نيسابور- الملقب بإمام الحرمين لمجاورته بمكة أربع