responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد المؤلف : الجویني، عبد الملك    الجزء : 1  صفحة : 16

عليه، و لم تزل دورة للفلك قبل دورة إلى غير أول، ثم لم تزل الحوادث في عالم الكون و الفساد تتعاقب كذلك إلى غير مفتتح، فكل ذلك مسبوق بمثله، و كل ولد مسبوق بوالد، و كل زرع مسبوق ببذر، و كل بيضة مسبوقة بدجاجة.

فنقول: موجب أصلكم يقضي بدخول حوادث لا نهاية لأعدادها، و لا غاية لآحادها، على التعاقب في الوجود، و ذلك معلوم بطلانه بأوائل العقول، فإنا نفرض القول في الدورة التي نحن فيها.

و نقول: من أصل الملحدة، أنه انقضى قبل الدورة التي نحن فيها دورات لا نهاية لها، و ما انتفت عنه النهاية يستحيل أن يتصرم بالواحد على إثر الواحد؛ فإذا انصرمت الدورة التي قبل هذه الدورات، أذن انقضاؤها و انتهاؤها بتناهيها، و هذا القدر كاف في غرضنا.

فإن قيل: مقام أهل الجنان مؤبد مسرمد، فإذا لم يبعد إثبات حوادث لا آخر لها، لم يبعد إثبات حوادث لا أول لها، قلنا: المستحيل أن يدخل في الوجود ما لا يتناهى آحادا على التوالي، و ليس في توقع الوجود في الاستقبال و المآل قضاء بوجود ما لا يتناهى، و يستحيل أن يدخل في الوجود من مقدورات الباري تعالى ما لا يحصره عدد و لا يحصيه أمد. و الذي يحقق ذلك أن حقيقة الحادث ما له أول، و إثبات الحوادث مع نفي الأولية تناقض، و ليس من حقيقة الحادث أن يكون له آخر.

و ضرب المحصلون مثالين في الوجهين، فقالوا: مثال إثبات حوادث لا أول لها، قول القائل لمن يخاطبه: لا أعطيك درهما إلا و أعطيك قبله دينارا، و لا أعطيك دينارا إلا و أعطيك قبله درهما، فلا يتصور أن يعطي على حكم شرطه دينارا و لا درهما.

و مثال ما ألزمونا، أن يقول القائل: لا أعطيك دينارا إلا و أعطيك بعده درهما، و لا أعطيك درهما إلا و أعطيك بعده دينارا، فيتصور منه أن يجري على حكم الشرط.

فإذا ثبت بما ذكرناه، الأعراض و حدوثها، و استحالة تعرّي الجواهر عنها، و استنادها إلى أول، فيخرج من مضمون هذه الأصول أن الجواهر لا تسبقها، و ما لا يسبق الحوادث حادث على الاضطرار من غير حاجة إلى نظر و اعتبار.

و هذه اللمع كافية في إثبات حدث الجواهر و الأعراض، و نحن بعد ذلك نوضح الطريق الموصل إلى العلم بالصانع، و باللّه التوفيق.

باب القول في إثبات العلم بالصانع‌

إذا ثبت حدث العالم، و تبين أنه مفتتح الوجود، فالحادث جائز وجوده و انتفاؤه، و كل وقت صادفه وقوعه كان من المجوزات تقدمه عليه بأوقات، و من الممكنات استئخار وجوده عن وقته‌

اسم الکتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد المؤلف : الجویني، عبد الملك    الجزء : 1  صفحة : 16
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست