اسم الکتاب : الأربعين في اصول الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 90
تحذير اللّه سبحانه إياك،
و الكتاب و السنة، و قد قال عز و جل: مَنْ كانَ يُرِيدُ
الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها [هود: 15] الآية. و قال تعالى:
ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ [النحل: 107] الآية. و قال عز اسمه:
فَأَمَّا مَنْ طَغى وَ آثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا
[النازعات: 37، 38] الآية.
و لعل ثلث القرآن في ذم
الدنيا و ذم أهلها، و قد قال صلى اللّه عليه و سلم: «الدنيا ملعونة ملعون ما فيها،
إلا ما كان للّه تعالى منها». و قال صلى اللّه عليه و سلم: «يا عجبا كلّ العجب
للمصدق بدار الآخرة، و هو يسعى لدار الغرور». و قال عليه السلام: «الدنيا حلوة
خضرة، و إن اللّه مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون». و قال عليه السلام: «إن اللّه
عز و جل لم يخلق خلقا أبغض إليه من الدنيا، و إنه لم ينظر إليها منذ خلقها». و قال
عليه السلام: «من أصبح و الدنيا أكبر همّه فليس من اللّه في شيء، و ألزم قلبه
أربع خصال: همّا لا ينقطع عنه أبدا، و شغلا لا يتفرغ عنه أبدا، و فقرا لا يبلغ
غناه أبدا، و أملا لا يبلغ منتهاه أبدا».
و قال أبو هريرة: قال صلى
اللّه عليه و سلم: «يا أبا هريرة ألا أريك الدنيا جميعها؟ قلت: نعم.
فأخذ بيدي إلى مزبلة فيها
رءوس أناس و عذرات[1]
و خرق و عظام، فقال عليه السلام:
يا أبا هريرة هذه الرءوس
كانت تحرص كحرصكم و تأمل آمالكم، ثم هي اليوم عظام بلا جلد، ثم ستصير رمادا. و هذه
العذرات ألوان أطعمتهم اكتسبوها من حيث اكتسبوها، ثم قذفوها من بطونهم، فأصبحت و
الناس يتحامونها. و هذه الخرق البالية كانت رياشهم و لباسهم فأصبحت و الرياح
تصفّقها. و هذه العظام عظام دوابهم التي كانوا ينتجعون[2] عليها أطراف البلاد، فمن كان باكيا على الدنيا فليبك». و قال صلى
اللّه عليه و سلم: «ليجيئنّ أقوام يوم القيامة و أعمالهم كجبال تهامة، فيؤمر بهم
إلى النار». قالوا: يا رسول اللّه: مصلين؟
قال: «نعم، كانوا يصلون و
يصومون و يأخذون هنة[3]
من الليل، فإذا عرض لهم شيء من الدنيا وثبوا عليه».