responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأربعين في اصول الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 66

البطن، و على ذلك كانت عادة عمر- رضي اللّه عنه- و جماعة من الصحابة، إذ كان قوتهم في الأسبوع صاعا من شعير. الثالثة: المدّ الواحد و ما جاوز ذلك، فهو مشاركة مع أهل العادة، و ميل عن طريق السالكين المسافرين إلى اللّه تعالى.

و قد يؤثّر في المقادير اختلاف الأحوال و الأشخاص، و عند ذلك فالأصل فيه أن يمدّ اليد إذا صدق جوعه، و يكفّ و هو بعد صادق الاشتهاء. و علامة صدق الجوع أن تشتهي أيّ خبز كان من غير أدم‌ [1]، فإذا استثقل الأكل بغير أدم، فهو علامة الشبع.

و أما الوقت، ففيه أيضا ثلاث درجات: أعلاها أن يطوى ثلاثة أيام فما فوقها، فقد كان الصدّيق- رضي اللّه عنه- يطوى‌ [2] ستة أيام، و إبراهيم بن أدهم و الثوري سبعا، و بعضهم انتهى إلى أربعين يوما. و قيل من طوى أربعين يوما ظهرت له لا محالة أشياء من عجائب الملكوت، و لا يمكن ذلك إلا بالتدريج. و أما الأوسط بأن يطوى يومين، و الأدنى بأن يأكل في اليوم مرة واحدة، فمن أكل مرتين لم تكن له حالة جوع أصلا، فيكون قد ترك فضيلة الجوع.

و أما الجنس، فأعلاه خبز البرّ [3] مع الإدام، و أدناه خبز الشعير بلا إدام. و المداومة على الإدام مكروه جدا؛ قال عمر- رضي اللّه عنه- لولده: كلّ مرة خبزا و لحما، و مرة خبزا و سمنا، و مرة خبزا و لبنا، و مرة خبزا و ملحا، و مرة خبزا قفارا [4]. فهذا تنبيه على الأحسن في أهل العادة. و أما السالكون الطريق، فقد بالغوا في ترك الإدام، بل في ترك الشهوات جملة، حتى كان بعضهم يشتهي الشهوة عشر سنين و عشرين سنة، و هو يخالف نفسه و يمنعها شهواتها. و قد قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «شرار أمتي الذين غذّوا بالنعيم و نبتت عليه أجسامهم، و إنما همتهم ألوان الطعام و أنواع اللباس و يتشدقون في الكلام». و قد شرحنا طريق السلف في ترك الشهوات في كتاب كسر الشهوتين.


[1] أدم: ما يؤتدم به.

[2] يطوى: يجوع.

[3] خبز البر: خبز القمح.

[4] قفار: غير مأدوم.

اسم الکتاب : الأربعين في اصول الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 66
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست