responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأربعين في اصول الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 165

نفسي بيده ما طرفت عيناي إلّا ظننت أن شفريّ‌ [1] لا يلتقيان حتى يقبض اللّه عز و جل روحي، و لا رفعت طرفي و ظننت أني واضعها حتى أقبض، و لا لقمت لقمة إلا ظننت أني لا أسيغها حتى أغص بها من الموت». ثم قال «يا بني آدم، إن كنتم تعقلون فعدّوا أنفسكم من الموتى، و الذي نفسي بيده إنما توعدون لآت، و ما أنتم بمعجزين».

و قال صلى اللّه عليه و سلم: «نجا أول هذه الأمة باليقين و الزهد، و يهلك آخر هذه الأمة بالبخل و الأمل».

و قال عليه السلام: «أ كلّكم يحب أن يدخل الجنة؟» قالوا: نعم، قال عليه السلام:

«قصّروا آمالكم، و اجعلوا آجالكم بين أبصاركم، و استحيوا من اللّه حق الحياء».

[فصل أن العارف الكامل المستهتر بذكر اللّه تعالى مستغن عن ذكر الموت‌]

اعلم أن العارف الكامل المستهتر بذكر اللّه تعالى مستغن عن ذكر الموت، بل حاله الفناء في التوحيد، لا التفات له إلى ماض و لا إلى مستقبل، و لا إلى حال من حيث أنه حال؛ بل هو ابن وقته، يعني أنه كالمتّحد بمذكوره؛ لست أقول متحدا بالذات، فلا تعقل فتغلط، و تسي‌ء الظن. و كذلك يفارقه الخوف و الرجاء، لأنهما سوطان يسوقان العبد إلى هذه الحالة التي هو ملابسها بالذوق؛ و كيف يذكر الموت و إنما يراد ذكر الموت لينقطع علاقة قلبه عما يفارقه بالموت. و العارف قد مات مرة في حق الدنيا و في حق كل ما يفارقه بالموت، فإنه ترفع و تنزه عن الالتفات إلى الآخرة أيضا، فضلا عن الدنيا، و قد تنغص عليه ما سوى اللّه تعالى، و لم يبق له من الموت إلا كشف الغطاء ليزداد به وضوحا، لا ليزداد يقينا، و هو معنى قول علي- رضي اللّه عنه- «لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا»، فإن الناظر إلى غيره من وراء ستر، لا يزداد برفع الستر يقينا، بل وضوحا فقط؛ فإذا ذكر الموت يحتاج إليه من لقلبه التفات إلى الدنيا، ليعلم أنه سيفارقها، فلا يعتكف بهمته عليها، و لذلك قال عليه السلام: «إن روح القدس نفث في روعي أحبب ما أحببت، فإنك مفارقه، و عش ما عشت، فإنك ميت، و اعمل ما شئت، فإنك مجزيّ به».

[فصل حقيقة الموت و ماهيته‌]

لعلك تشتهي أن تعرف حقيقة الموت و ماهيته؛ و لن تعرف ذلك ما لم تعرف حقيقة


[1] الشفر: أصل منبت شعر الجفن.

اسم الکتاب : الأربعين في اصول الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 165
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست