وإلى ما رواه السيد الجليل الرضي فخار بن معد الموسوي في كتاب إيمان أبي طالب عن شيخه محمد بن إدريس الحلي رحمهالله بإسناده عن عرفطة قال : وردت الأبطح يوما وقد أجدبت الصحراء وأخلقت الأنواء [١] وإذا قريش حلق قد ارتفعت لهم ضوضاء [٢] فقائل يقول : استجيروا باللات والعزى وقائل يقول : بل استجيروا بمناة الثالثة الأخرى ، فقام رجل من جملتهم يقال له ورقة بن نوفل عم خديجة بنت خويلد فقال : فيكم بقية إبراهيم وسلالة إسماعيل فقالوا : كأنك عنيت أبا طالب ، قال :
إنه ذلك فقاموا إليه بأجمعهم وقمت معهم فقالوا : يا أبا طالب قد أقحط الواد وأجدب العباد ، فهلم فاستق لنا ، فقال : رويدكم دلوك الشمس وهبوب الريح ، فلما زاغت الشمس أو كادت وافى أبو طالب قد خرج وحوله أغيلمة من بني عبد المطلب وفي وسطهم غلام أيفع منهم كأنه شمس دجى تجلت عنه غمامة قتماء [٣] فجاء حتى أسند ظهره إلى الكعبة في مستجارها ، ولاذ بإصبعه وبصبصت الأغيلمة حوله [٤] وما في السماء قزعة [٥] فأقبل السحاب من هيهنا ومن هيهنا حتى كث ولف وأسحم واقتحم وأرعد وأبرق ، وانفجر له الوادي ، فلذلك قال أبو طالب يمدح النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم « وأبيض يستسقي الغمام بوجهه » إلى آخر الأبيات.
وقد أوردت خبرا طويلا في الكتاب الكبير بأسانيد إن الناس استسقوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في جدب عرض لهم ، فدعا النبي صلىاللهعليهوآله فأرخت السماء عزاليها [٦] وتبرم الناس من كثرة المطر ، فضحك النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : لله در أبي طالب لو كان حيا لقرت عيناه ، من ينشدنا قوله؟ فقام عمر بن الخطاب فقال : عسى أردت يا رسول الله :
وما حملت من ناقة فوق ظهرها
أبر وأوفى ذمة من محمد
[١] الأنواء جمع النوء : النبات والبقل. [٢] الضوضاء : أصوات الناس في الازدحام. [٣] القتماء : الشديدة السواد. [٤] بصبص فلان : تملّق. [٥] القزعة : القطعة من السحاب. [٦] كناية عن شدّة وقع المطر.
اسم الکتاب : مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول المؤلف : العلامة المجلسي الجزء : 5 صفحة : 255