اسم الکتاب : مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول المؤلف : العلامة المجلسي الجزء : 4 صفحة : 365
العباء وترك الملاء وشكاه أخوه الربيع بن زياد إلى أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قد غم أهله وأحزن ولده بذلك فقال أمير المؤمنين عليهالسلام علي بعاصم بن زياد فجيء به فلما رآه عبس في وجهه فقال له أما استحييت من أهلك أما رحمت ولدك أترى الله
كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ » [١] وقال : « يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً » [٢] وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لبعض نسائه : ما لي أراك شعثاء مرهاء سلتاء [٣] قال عاصم : فلم اقتصرت يا أمير المؤمنين على لبس الخشن وأكل الجشب؟ قال : إن الله تعالى افترض على أئمة العدل أن يقدروا لأنفسهم بالقوم كيلا يتبيغ بالفقير فقره ، فما قام علي عليهالسلام حتى نزع عاصم العباء ولبس ملاءة.
ولنرجع إلى شرح الحديث ، قوله : حين لبس العباء ، وهو جمع عباءة بالفتح فيهما ، وهي الكساء وكان المراد به جعلها شعارا والمواظبة علي لبس ثياب الصوف الخشنة ، وترك القطن ونحوه ، والاكتفاء بلبسها في الصيف والشتاء كما ورد في وصايا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأبي ذر : يجيء من بعدي أقوام يلبسون الصوف في صيفهم وشتائهم ، يرون لهم بذلك الفضل على غيرهم أولئك تلعنهم ملائكة السماء وملائكة الأرض.
والملإ بالضم والمد جمع ملاءة بهما أيضا وهي الثوب اللين الرقيق « أنه » بفتح الهمزة أي بأنه ، « وعلى » اسم فعل بمعنى ائتوني ، وقال ابن أبي الحديد يقول : علي بفلان أي أحضره والأصل أعجل به علي ، فحذف فعل الأمر ودل الباقي عليه « أما استحييت » استفهام توبيخي « أترى الله أحل لك الطيبات » أي في قوله : « قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ » وقوله : « يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً » وقوله : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ
[١] سورة المائدة : ٨٧. [٢] سورة المؤمنون : ٥١. [٣] الشعساء : التي أغبر رأسها وتلبّد شعرها وانتشر لقلّة تعهّده بالدهن ، والمرهاء : التي تركت الاكتحال حتى تبيضّ بواطن أجفانها ، والسلتاء : التي لا تختضب.
اسم الکتاب : مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول المؤلف : العلامة المجلسي الجزء : 4 صفحة : 365