اسم الکتاب : مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول المؤلف : العلامة المجلسي الجزء : 20 صفحة : 67
« أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ » قلت فقوله : « وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ » نسخت هذه الآية فتبسم ثم سكت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإسلام ، وذلك أن قوما كانوا يتحرجون من العقد على من أسلمت عن كفر فبين الله سبحانه أنه لا حرج في ذلك فلهذا أفردهن بالذكر ، حكى ذلك أبو القاسم البلخي.
قالوا : ويجوز أن يكون مخصوصا أيضا بنكاح المتعة وملك اليمين ، فإن عندنا يجوز وطؤهن بكلا الوجهين ، على أنه قد روى أبو الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام أنه منسوخ بقوله : « وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ » وبقوله : « وَلا تُمْسِكُوا » انتهى. وبعض أصحابنا يخص جواز نكاح الكتابيات بالمنقطع دون الدوام كما عرفت ، لأن الآية لا تدل إلا على إباحة نكاح المتعة ، بقوله تعالى : « إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ » [١] ولم يقل مهورهن ، وعوض المتعة يسمى أجرا كما في آية المتعة.
وقيل : فيه نظر أما أولا فلأن آية المائدة منسوخة بقوله تعالى : « وَلا تُمْسِكُوا » كما ورد في أخبارنا ، وتمنع كون المائدة آخر القرآن نزولا لعدم دلالة قاطعة ، وعلى تقديره جاز أن يكون أكثرها هو الأخير نزولا.
وأما ثانيا فلأنا نمنع دلالتها على المتعة ، فإن المهر يسمى أجرا كقوله تعالى : « عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ ». ويجاب من الأول بأنها جزء من المائدة قطعا وتأخرها هو المشهور ، وفي أحكامها قرائن مع أصالة عدم النسخ ، وعن الثاني بأن اشتراط إيتاء المهر في المتعة دليل على إرادة المتعة لعدم اشتراط ذلك في صحة الدائم. وقال الطبرسي (ره) [٢] في قوله تعالى : « وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ » أي لا تتمسكوا بنكاح الكافرات ، وأصل العصمة المنع ، وسمي النكاح عصمة لأن المنكوحة تكون في حبال الزوج وعصمته ، وفي هذا دلالة على أنه لا يجوز العقد على الكافرة ، سواء كانت حربية أو ذمية وعلى كل حال لأنه عام في الكوافر. وليس لأحد أن يخص الآية بعابدة الوثن ، لنزولها بسببهن لأن الاعتبار بعموم اللفظ لا بالسبب.