تكلمنا في المبحث السابق عن المدرسة التي تلقى فيها سعد الدين
التفتازاني معارفه الأولية، حتى صلب عوده، و استقام فكره، و أصبح في عداد المفكرين
الذين تفخر بهم المكتبة العربية و الإسلامية.
و قلنا بأنه مر بمراحل متعددة، حتى وصل إلى هذه النتيجة الباهرة، و
قسمنا وسائل المعرفة إلى قسمين:
الأول:المكتبة العربية بكل معارفها من تفسير و حديث و بلاغة و تاريخ و
فلك و طب و فلسفة، و بقية العلوم الإنسانية.
الثاني:مجموعة من الأساتذة قلما يجود بهم الزمان. و لا نستطيع في هذه
العجالة أن نستعرض جميع أساتذته، لأن هذا أمر تكاد لا تسعفنا به المراجع التي بين
أيدينا، و نحن نعلم بأن الكثير من كنوز الأمة العربية و مؤلفاتها، قد تعرض لهجمتين
شرستين:
الأولى:عند ما سقطت الخلافة الإسلامية على يد التتار في عام 656 ه
فاجتاحوا البلاد و عاثوا فيها فسادا، و ألقوا بهذه الكنوز في نهر دجلة ليقام منها
جسر ليكون معبرا لهم إلى داخل البلاد.
و الثانية:عند ما تعرضت رقعة البلاد الإسلامية للاستعمار الغربي، و استطاع
هؤلاء أن يضعوا أيديهم على تراث الأمة الإسلامية من كتب و مؤلفات و نقلوها إلى
بلادهم.