و يتفق أرسطو و ابن سينا في العنصرين الأخيرين، و يختلفان في العنصر
الأول. فالجدل عند أرسطو: طريق أو منهج، و عند ابن سينا صناعة[1].
هذا الفرق له أثره في اعتبار الجدل ملحقا بالمنطق العام لأرسطو، أو
هو نوع من القياس، و لكنه ليس يقينا، أي ان المنطق واحد، و طريقه واحد، أعلاه
البرهان. و الجدل مرتبة أضعف منه، و أما في اعتبار الجدل نوعا متميزا من المنطق و
صناعة خاصة هي الصناعة الجدلية.
و إذا أردنا أن نتعرف على رأي مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي
في تعريف الجدل فإنه يقول:
الجدل: هو المعارضة على سبيل المنازعة و المغالبة، و أصله من جدل
الشيء أحكم فتله، كأن كلا من المتجادلين يفتل الآخر عن رأيه. و قد ورد الجدل في
القرآن على وجوه مختلفة.
الأول: معارضة نوح و قومه. قال تعالى:يا نُوحُ قَدْ
جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا[2].
الثاني: مجادلة أهل العدوان. قال تعالى:أَ
تُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها[3].
الثالث: جدال إبراهيم و الملائكة في باب قوم لوط. قال تعالى:يُجادِلُنا فِي
قَوْمِ لُوطٍ[4].
[1]راجع مقدمة كتاب الجدل للدكتور
إبراهيم مدكور ص 24، 25.