فالأولى منع كونه أمرا محققا مفتقرا إلى ما يقوم به في الخارج، بل هو
أمر عقلي قائم بالمتصور من الممكن عند الحكم بحدوثه.
شبه المنكرين على عدم الاحتياج
(قال:و من أقوى شبه المنكرين[1]أن
التأخير حال الوجود[2]، إيجاد للموجود[3]، و حال العدم جمع بين النقيضين،
و أن الضرورة قاضية بوقع الترجيح بلا مرجح في مثل الهارب من السبع، يسلك أحد
الطريقين، و العطشان يشرب أحد الماءين مع التساوي، و أن العدم نفي محض لا يصلح
أثرا.
و الجواب عن الأول: أن المحال إيجاد الموجود، بوجود حاصل، بغير هذا
الإيجاد، و هو غير لازم، غايته أن الوجود يقارن الإيجاد بالزمان، و هو لا ينافي
التأخر بالذات.
و عن الثاني: أن اللازم على تقدير التسليم ترجيح المختار أحد
المتساويين، بلا مخصص لا الترجح بلا سبب.
فإن قيل: هذا الاختيار و الترجيح وقع بلا سبب.
قلنا: ممنوع، بل الإرادة التي من شأنها الترجيح و التخصيص.
و عن الثالث: أنه عدم مضاف مستند إلى عدم العلة. بمعنى أن العقل يحكم
بأنه عدم لعدم علته، و أما التمسك بأن العلية لكونها نقيض اللاعلية ثبوتية. و كذا
موصوفها، و بأن التأثير إما في الماهية، أو الوجود، أو الموصوفية، و الكل باطل[4]لما سبق، و بأنه لو وجدت المؤثر به أو الحاجة تسلسلت فضعفه ظاهر).
[1]الزاعمين أن هذا العالم المتقن
بسماواته و أرضه و بعالميه إنما وقع اتفاقيا بلا حكيم متقن.