فإن قيل: لا معنى للمأخوذ بشرط (لا) سوى ما يعتبره العقل كذلك.
قلنا: فحينئذ لا يمتنع وجوده في الخارج بأن يكون مقرونا بالعوارض و
المشخصات، و يعتبره العقل مجردا عن ذلك، فصار الحاصل: أنه إن أريد بالمجرد ما لا
يكون في نفسه مقرونا بشيء من العوارض مطلقا، أو العوارض الخارجية امتنع وجوده في
الخارج، و في الذهن جميعا، و إن أريد ما يعتبره العقل كذلك، جاز وجوده فيهما.
فإن قيل: فكيف يصح على الأول الحكم بامتناع الوجود في الذهن؟
قلنا: هي شبهة المجهول المطلق و قد سبقت.
ما نقل عن أفلاطون يفيد ظاهره وجود الماهية
(قال:و ما نسب إلى أفلاطون[1]من
المثل[2]،ليس قولا بوجود
المجردة[3]،بل بوجود الأنواع
في علم اللّه تعالى[4]. أو بأن لكل نوع جوهرا[5]مجردا
يدبر أمره بمنزلة النفس للبدن).
قد نقل عن أفلاطون. ما يشعر بوجود الماهية المجردة عن اللواحق. و
هو أنه يوجد في الخارج لكل نوع، فرد مجرد أزلي أبدي، قابل للمتقابلات. أما التجرد
و قبول المتقابلات، فليصح كونه جزءا من الأشخاص المتصفة بالأوصاف المتقابلة.
و أما الأزلية و الأبدية فلما سيأتي من أن كل مجرد أزلي، و كل أزلي
أبدي،
[2]المثل المجردة حيث نقل عنه أنه قال:
إن لكل نوع مثالا مجردا تشترك فيه الأفراد لا يعتريه الكون و الفساد الذي يعتري
الأشخاص التي تشترك فيه و تعتريه المتقابلات بواسطة الأشخاص المشتركة فيه.