(قال:و بالجملة: لا حجر في تصورات العقل[1]،فله أن يعتبر
النقيضين[2]،و يحكم بينهما
بالتناقض[3]،و يعتبر عدم كل
شيء حتى نفسه، و يقسم الموجود إلى ثابت في الذهن، و غير ثابت فيه، و إلى ممكن
التصور، و اللاممكن عدم التصور[4]و
يحكم بالتمايز بينها، فيكون كل من اللاثابت، و اللاممكن التصور، لا هوية له من حيث
الذات، مع أن له هوية من حيث الثبوت في العقل كالهوية و اللاهوية[5]).
فلا حجر زيادة تعميم لتصرفات العقل، و اعتباراته يعني أن له أن
يعتبر النقيضين من المفردات كالموجود، و اللاموجود، أو من القضايا، مثل موجود، و
هذا ليس بموجود، و يحكم بينهما بالتناقض بمعنى امتناع صدق المفردين على شيء واحد،
و امتناع صدق النقيضين في نفس الأمر، فيكون النقيضان موجودين في العقل، و إن كان
أحدهما عبارة عما لا وجود له أصلا، و له أن يعتبر عدم كل شيء حتى عدم نفسه، مع أن
تصور العقل عدمه يستدعي ثبوته، فيكون هذا جمعا بين وجوده و عدمه، لكن أحدهما بحسب
الذات، و الآخر بحسب التصور، و له أن يعتبر تقسيم الموجود إلى ثابت في الذهن، و
غير ثابت فيه، فيكون اللاثابت في الذهن، قسما[6]للثابت فيه بحسب
[1]فيثبت غير الثابت باعتبار و ينفي غير
المنفي باعتبار آخر قال الشاعر:
عالم يزخر بالخلف و يغلي كالمراجل يقلب الباطل حقا و يرد الحق باطل.
[2]في المفردات: كالإنسان و اللاانسان و
الموجود و اللاموجود.
[3]فيحكم على النقيضين المفردين بعدم
اجتماعهما في محل واحد فلا يوجد شيء يتحقق فيه معنى الوجود و غير الوجود.