نسلم استحالته، و إن أريد العدول، أي السواد المتقرر في نفسه لا
سواد، فلا نسلم[1]لزومه، و إنما يلزم لو كان السواد متقررا في نفسه حينئذ[2].
فإن قيل: لكل شيء ماهية هو بها[3]هو مع قطع النظر عن كل ما عداه لازما كان أو مفارقا، فيكون السواد
سوادا و سواء وجد غيره أو لم يوجد.
قلنا: لا يلزم من هذا سوى أن يكون السواد سوادا، نظرا[4]إلى الغير أو لم ينظر و قطع النظر عن الشيء لا يوجب انتفاءه ليلزم
كون السواد سوادا، وجد الغير أو لم يوجد، و هذا كما أنه يكون موجودا مع قطع النظر
عن الغير لا مع انتفائه.
الاختلاف إذا كانت الشيئية بعض الثبوت العيني
(قال:هذا في الشيئية بعض الثبوت العيني، و أما أن الشيء اسم للموجود أو
المعدوم، أو ما ليس بمستحيل أو القديم أو الحادث أو غير ذلك فلغوي، و المرجع[5]إلى النقل و الاستعمال).
يعني أن ما ذكرنا من الاختلاف و الاحتجاج، إنما هو في شيئية
المعدوم بمعنى ثبوته في الخارج، و أما أنه هل يطلق عليه لفظ الشيء حقيقة، فبحث
لغوي يرجع فيه إلى النقل و الاستعمال. و قد وقع فيه اختلافات نظرا إلى
الاستعمالات. فعندنا هو اسم للموجود لما نجده شائع الاستعمال في هذا المعنى، و لا
نزاع في استعماله في المعدوم مجازا كما في قوله تعالى:إِنَّما
قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[6].