(قال:المبحث الرابع: الوجود يرادف الثبوت و يساوق الشيئية[1]، و العدم يرادف النفي، فلا
المعدوم ثابت، و لا بينه و بين الموجود واسطة، و خوله في الأمرين إفرادا و جمعا.
فقيل: المعلوم إما لا ثبوت له، و هو المعدوم أو له ثبوت باعتبار ذاته، و هو
الموجود، أو تبعا لغيره. و هو الحال، فهو صفة لموجود لا موجودة و لا معدومة،
فتتحقق الواسطة. و قال جمهور المعتزلة: إن كان له كون في الأعيان فموجود، و إلا
فمعدوم و إن كان له تحقق في نفسه فثابت، و إلا فمنفي[2]. الموجود أخص من الثابت و المنفي من المعدوم، فالمعدوم قد يكون ثابتا
و لا واسطة بينه و بين الموجود. و قال بعضهم: إن كان له كون في الأعيان فإما
بالاستقلال، و هو الموجود أو بالتبعية و هو الحال و إلا فمعدوم، إما متحقق في نفسه
فثابت، أو لا فمنفي[3]، فالمعدوم ثابت[4]و بينه و بين الموجود واسطة).
[1]الشيئية عند الحكماء تساوق الوجود و
تساويه و إن غايرته مفهوما لأن مفهوم الشيئية العلم و الإخبار عنه، فإن قولنا
(السواد موجود) يفيد فائدة معتدا بها دون (السواد شيء).
«ومشيئة اللّه عبارة عن تجلية الذات و العناية السابقة لإيجاد
المعدوم أو إعدام الموجود، و إرادته عبارة عن تجليه لإيجاد المعدوم فالمشيئة أعم
من وجه من الإرادة، و من تتبع مواضع استعمالات المشيئة و الإرادة في القرآن يعلم
ذلك. و إن كان بحسب اللغة يستعمل كل منها مقام الآخر. انتهى ..
(راجع التعريفات للجرجاني. و كشاف اصطلاحات الفنون ج 4 مادة
الشيء).
[3]و حيث كان الثابت أعم من الموجود و
المنفي نقيضه و من المعلوم ان نقيض الأعم أخص من نقيضه الأخص لزم كون المنفي أخص
من المعدوم الذي هو نقيض الموجود الذي هو أخص من الثابت و لخصوصه لا يصدق إلا
الممتنع بخلاف المعدوم فيصدق على الممكن الذي لم يوجد.