(قال:و يستدل على تحقق الذهني[1]: بأن
نحكم إيجابا على ما لا ثبوت له، في الخارج، كالممتنعات[2]مع استحالة الإثبات لما لا ثبوت له، و بأن نجد من المفهومات ما هو
كلي يمتنع بكليته في الخارج. و من القضايا حقيقية لا يقتصر الحكم فيها على الموجود
في الخارج، و اعترض بأنه يكفي في الإيجاب تميز الموضوع عند العقل، و هو معنى
التعقل فيرجع الكل إلى أن الفهم و التعقل، يقتضي الثبوت في العقل و فيه النزاع.
و الجواب: أن اقتضاء التعقل و التميز إضافة بين العاقل و المعقول
ضروري، و لا تعقل الإضافة إلى النفي السرف، بل لا بد من ثبوت (ما) و إذ ليس في
الخارج ففي العقل.
فإن قيل: يجوز أن يقوم بنفسه، كالمثل المجردة[3]لأفلاطون و المعلقة لغيره، أو ببعض المجردات كصور الكائنات بالعقل
الفعال عند الفلاسفة.
قلنا: معلوم بالضرورة أن الممتنع[4]بل المعدوم سيما[5]ما
ليس من قبيل الذوات لا يقوم بنفسه، و لا ببعض المجردات بهويته بل بصورته، و فيه
المدعي
[1]الذهني: هو المنسوب إلى الذهن و
يرادفه العقلي، و يطلق على كل ما له صلة بالذهن في مظهره الوظيفي. و الذهنية عند
المنطقيين قضية يكون الحكم فيها على الأفراد الذهنية، و هي مقابلة للقضايا
الحقيقية التي يكون الحكم فيها على جميع أفراد الموضوع.
(راجع المعجم الفلسفي).
[2]فتقول مثلا: الجمع بين الضدين مفهوم
كلي، و شريك الإله تعالى ممتنع و ثبوت النقيضين في شيء واحد محال.
[3]ولد أفلاطون في أثينا سنة 427 ق. م
في أسرة عريقة. تعلم الشعر و الحكمة. و في سنة 370 ق م سافر إلى إيطاليا، و فيها
عرف «الفيثاغوريين» و درس مذهبهم، و في أخريات أيامه أقام «بأثينا» و أنشأ بها مدرسة
تطل على حديقة «أكاديموس» فسميت لذلك بالأكاديمية. مات سنة 347 ق. م.