الخارج لكانت ذلك الشيء، كما أن الشجر لو تجسم لكان ذلك الشجر، ثم
الوجود في العبارة ثم في الكتابة و هما من حيث الإضافة إلى ذات الشيء و حقيقته
مجازيان، لأن الموجود من زيد في اللفظ صوت موضوع بإزائه، و في الخط نقش موضوع
بإزائه اللفظ الدال عليه، لا ذات زيد و لا صورته.
نعم. إذا أضيف إلى اللفظ الموضوع بإزائه أو النقش الموضوع بإزاء ذلك
اللفظ كان وجودا حقيقيا،[1]من
قبيل الوجود في الأعيان، و لكل لاحق فيما ذكرنا من الترتيب دلالة على السابق،
فللذهني على العيني، و للفظي على الذهني، و للخطي على اللفظي، فتحقق ثلاث دلالات.
أولاها: عقلية محضة: لا يختلف فيها بحسب اختلاف الأشخاص و الأوضاع الدال و لا
المدلول، إذ بأي لفظ عبر عن السماء. فالموجود منها في الخارج هو ذلك الشخص و في
الذهن هو الصورة المعينة المطابقة له، و الأخريان أعني دلالة اللفظ على الصورة
الذهنية. و دلالة الخط على اللفظ وضعيتان يختلف في الأولى منهما الدال بأن تعين
طائفة لفظا[2]كالسماء، و طائفة أخرى لفظا آخر كما في الفارسية و غيرها، لا المدلول
لأن الصورة الذهنية لا تختلف باختلاف اللغات، و تختلف في الثانية: أعني دلالة الخط
على اللفظ الدال و المدلول جميعا، و اختلاف الدال لا يختص بحالة اختلاف المدلول، بل
قد يكون[3]مع اتحاده كلفظ السماء، يكتب بصور مختلفة بحسب اختلاف الاصطلاحات في
الكتابة.
فإن قيل:- معنى الدلالة:[4]كون
الشيء بحيث يفهم منه شيء آخر، فإذا اعتبرت فيما
[4]الدلالة: هي أن يلزم من العلم
بالشيء علم بشيء آخر، و الشيء الأول هو الدال، و الثاني هو المدلول. فإن كان
الدال لفظا كانت الدلالة لفظية و إن كان غير ذلك كانت الدلالة غير لفظية.
و كل واحدة من اللفظية و غير اللفظية تنقسم إلى عقلية و طبيعية و
وضعية.
فالعقلية: هي أن يجد العقل بين الدال و المدلول علاقة طبيعية تنقله
من أحدهما إلى الآخر.
كدلالة الحمرة على الخجل و الصفرة على الوجل. و الدلالة الوضعية أن
يكون بين الدال و المدلول علاقة الوضع كدلالة اللفظ على المعنى.