و نتساءل: هل كان المسلمون بحاجة إلى علم الكلام حين قام؟
يرى بعض العلماء أن العقائد ثابتة في القرآن، و أوضحتها السنة
النبوية فلا حاجة إذن إلى علم الكلام.
هذا على اعتبار أن علم الكلام: هو علم يقتدر معه على إثبات العقائد
الدينية على الغير، بإيراد الحجج و دفع الشبه .. كما يقول (التفتازاني) في شرحه
للعقائد العضدية[1].
و يقولون أيضا: لو كان علم الكلام هدى و رشادا لتكلم فيه النبي صلّى
اللّه عليه و سلم، و خلفاؤه و أصحابه، و لأن النبي صلّى اللّه عليه و سلم لم يمت
حتى تكلم في كل ما يحتاج إليه من أمور الدين، و بيّنه بيانا شافيا، و لم يترك بعده
لأحد مقالا فيما للمسلمين إليه حاجة من أمور دينهم، و ما يقربهم إلى اللّه عز و
جل، و يباعدهم عن سخطه، فلما لم يرووا عنه الكلام في شيء مما ذكرناه علمنا أن
الكلام فيه بدعة، و البحث عنه ضلالة لأنه لو كان خيرا لما فات النبي صلّى اللّه
عليه و سلم و لتكلموا فيه.
و قالوا أيضا: و لأنه ليس يخلو ذلك من وجهين: إما أن يكونوا علموه
فسكتوا عنه، أو لم يعلموه بل جهلوه، فإن كانوا علموه و لم يتكلموا فيه وسعنا أيضا
نحن السكوت عنه، كما وسعهم السكوت عنه، و وسعنا ترك الخوض فيه، كما
[1]راجع شرح العقائد العضدية، و كتاب
المواقف لعضد الدين الإيجي.