الموجود، و في كلام الفارابي[1]أن الوجود إمكان الفعل و الانفعال، و الموجود ما أمكنه الفعل و
الانفعال.
المبحث الاول التصديق ببداهة تصور الوجود
(قال:و استدل بوجوه، الأول: أن التصديق البديهي بتنافي الوجود و العدم
يتوقف على تصوره[2]، و رد بأنه أريد البداهة
مطلقا[3]بمعنى عدم التوقف على الكسب أصلا فممنوع، بل مصادرة أو بداهة الحكم
فغير مفيد إذ لا يستلزم تصور الحقيقة و لا ينافي اكتسابه لا يقال بداهة الكل و ان
توقفت على بداهة الأجزاء لكن العلم ببداهته لا يتوقف على العلم ببداهتها بل
يستتبعه فلا مصادرة[4]لأنا نقول توقف العلم ببداهة الكل على العلم ببداهة الجزء ضروري،
كتوقف الكل على الجزء إذ بداهة الجزء جزء بداهة الكل، و العلم بالكل إما نفس العلم
بالأجزاء أو حاصل به).
الثاني:أنه معلوم يمتنع اكتسابه إما بالحد[5]فلبساطته إذ لو تركب فأما من الموجودات فيلزم تقدم الشيء على نفسه،
و مساواة الجزء للكل في ماهيته، أو من غيرها فلا بد أن يحصل عند الاجتماع أمر زائد
يكون هو الموجود، لئلا
[1]الفارابي: هو محمد بن طرخان أبو نصر
الفارابي، و يعرف بالمعلم الثاني. من أكبر فلاسفة المسلمين، تركي الأصل. ولد في
فاراب على نهر جيحون و انتقل إلى بغداد فنشأ بها و ألف بها أكثر كتبه، و رحل إلى
مصر و الشام و توفي بدمشق عام 339 ه. و كان يحسن اليونانية و أكثر اللغات الشرقية
المعروفة في عصره. من كتبه: الإشارات و السياسة المدنية، و أغراض ما بعد الطبيعة،
إلى غير ذلك.
[2]غير مفيد للمقصور الذي بداهة تصور
الوجود بحقيقته.
[3]أي إن أريد بتلك البداهة: البداهة
على الإطلاق و هي الشاملة لجميع أجزاء التصديق من الحكم، و جميع التصورات المتعلقة
كما هو مذهب الإمام من أن التصديق: هو الحكم مع جميع تصوراته.
[4]يقول صاحب كتاب أشرف المقاصد. و نحن
لا نسلم توقف العلم ببداهة المجموع على العلم ببداهة كل شيء، و إنما التوقف بين
بداهة و البداهة بمعنى أن بداهة الكل متوقفة على بداهة الجزء، لم تستدل بالبداهة
على البداهة بل العلم بها في الكل على العلم بها في الجزء.
[5]بالحد: الذي هو تعريف الشيء
بالذاتيات من الجنس و الفصل فلبساطته.