(قال:المبحث الخامس: اختلفوا في أول الواجبات فقيل: معرفة اللّه تعالى[1]لأنها الأصل، و قيل: النظر فيها أو القصد إليه لتوقفها عليه،[2]و الحق أنه إن قيد الواجب بما يكون مقصودا في نفسه فالأول. و إلا
فالثاني. و أما المعرفة فليس بمقدور، إذ الوجوب مقيد به و استدامته ليست بمقدمة.
و قيل: الشك[3]لأن
النظر بعده، و رد بأنه ليس بمقدور لكونه من الكيف كالعلم و لا مقدمة لتأتي النظر
عند الظن و الوهم، و إن أريد به ما يتناولهما و جعل مقدورا بمعنى إمكان تحصيله
فوجوب النظر مقيد به، إذ لا نظر عند الجزم و الواجب على المقلد أو الجاهل جهلا
مركبا هو النظر في وجه الدلالة، ليقوده إلى العلم).
ما يجب على المكلف، فقال الشيخ[4]: هو معرفة اللّه تعالى لكونها مبنى الواجبات و قال الأستاذ: هو النظر
في معرفة اللّه تعالى لما مر من كونه المقدمة.
[1]هذا الرأي يقول به الشيخ أبو الحسن
الأشعرى رضي اللّه عنه، و يوافقه على ذلك جماعة من العلماء، و إنما كانت أول واجب
عنده لأن مبنى جميع الواجبات عليه.
[2]قال الأستاذ: أول واجب النظر، و قال
أبو بكر الباقلاني و الإمام الرازي: أول واجب القصد إلى النظر.
[3]و أما القول بأن أول واجب عدم
المعرفة لتوقف النظر على عدمها فلا يصح، لأن عدم المعرفة جهل بسيط، يحصل قبل
القدرة و الإرادة المسبوقين بالعلم المسبوق بنفيه.