(قال:المبحث الثالث: يشترط لمطلق[1]النظر صحيحا كان أو فاسدا[2]- بعد
شرائط العلم- عدم الجزم بالمطلوب أو بنقيضه إذ لا طلب مع ذلك و تعد الأدلة إنما هو
لزيادة الاطمئنان أو التحصيل استعداد القبول في المتعلم بالإجماع أو في كل متعلم
بدليل اخر.
و قال الإمام: المطلوب بالدليل الثاني في كونه دليلا و هو غير معلوم،
و يشترط للنظر الصحيح أن يكون في الدليل دون الشبهة و من جهة دلالته دون غيرها، و
هي الأمر الذي بواسطته ينتقل الذهن من الدليل إلى المدلول، كإمكان[3]العالم أو حدوثه لثبوت الصانع، فالعالم هو الدليل و ثبوت الصانع هو
المدلول، و كونه بحيث يفيد النظر فيه العلم بثبوت الصانع هو الدلالة، و إمكانه و
حدوثه هو جهة الدلالة، و هذه الأمور متغايرة فتتغاير العلوم المتعلقة بها إلا أن
[3]قال ابن سينا: و الإمكان إما أن يعنى
به ما يلازم سلب ضرورة العدم و هو الامتناع، و إما أن يعنى به ما يلازم سلب
الضرورة في العدم و الوجود جميعا.
(راجع الإشارات 34).
و الإمكان عبارة عن كون الماهية بحيث تتساوى نسبة الوجود و العدم
إليها عبارة عن التساوي نفسه على اختلاف العبارتين. فيكون صفة الماهية حقيقة من
حيث هي (كليات أبي البقاء) و هذا المعنى الأخير قريب من المعنى الذي ذهب إليه
المحدثون في قولهم: الإمكان هو صفة للمكان الموضوعي أو الخارجي.