الصانع أو العلم به، و إلا لما كان دليلا عليه، فإن كان الأول لزم من
انتفائه انتفاؤه ضرورة انتفاء المفاد بانتفاء المفيد و إن كان الثاني لزم من عدم
النظر في الدليل ألا يكون دليلا لأن هذا وصف إضافي لا يفرض إلا بالإضافة إلى
المدلول الذي فرضناه العلم. و هو منتفي عند عدم النظر و أجيب بأنا لا نعني بكون
الدليل مفيدا لشيء و موجبا له أن يوجده و يحصله على ما هو شأن العلل، بل إنه بحيث
متى وجد وجد ذلك الشيء. و متى نظر فيه علم ذلك الشيء.
و حاصله[1]أن
وجوده مستلزم لثبوته، و النظر فيه مستلزم للعلم به، و معلوم أن انتفاء الملزوم لا
يوجب انتفاء اللازم، و أن عدم النظر فيه لا ينافي كونه بحيث متى نظر فيه علم
المدلول، و أورد على جميع الوجوه بل على كل ما يحتج به لإثبات أن النظر لا يفيد
العلم، أن العلم بكون النظر غير مفيد للعلم، إن كان نظريا مستفادا من شيء من
الاحتجاجات يلزم التناقض، إذ النظر قد أفاد العلم في الجملة و إن كان ضروريا، و
الوجود المذكور تنبيهات عليه لزم خلاف أكثر العقلاء في الحكم الضروري، و هو باطل
بالضرورة، و إنما الجائز خلاف جمع من العقلاء و هو لا يستلزم جواز خلاف الأكثر،
فإن قيل: نحن نعترف بأن الاحتجاج لا يفيد العلم، لكن لما احتججتم على الإفادة
احتججنا على نفي الإفادة، معارضة للفاسد بالفاسد، قلنا: ما ذكرتم من الوجوه إن
أفادت فساد كلامنا كان النظر مفيدا للعلم و هو المطلوب، و إن لم يفد كان لغوا و
بقي ما ذكرنا سالما عن المعارض.
النظر الفاسد
(قال:و أما النظر الفاسد فالصحيح أنه لا يستلزم الجهل، أما عند فساد
الصورة فظاهر، و أما عند فساد المادة فقط فلأن الكاذب قد يستلزم الصادق، كنا إذا
اعتقد أن العالم أثرا لموجب، و كل ما هو أثر لموجب فهو حادث. نعم قد يفيده كما إذا
اعتقد أنه غني و كل غني قديم).