اسم الکتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 3 صفحة : 280
الرّسالة الشريفة، و لكنّا مكلّفون بما نقدر عليه من تعظيم قدرها و
الاعتراف بإحسانها و برّها، فنضرب لذلك بعض الأمثال، ففيه تنبيه على تعظيم هذه
الحال، فنقول:
لو كان المسلمون قد أصيب
كلّ منهم بنحو خطر الكفر الّذي كانوا عليه، فمنهم فريق قد ألقى في النار و هي توقد
عليه، و فريق قد افتضح بالعار و نودي عليه، و فريق في مطمورة[1]
غضب اللّه جلّ جلاله و انتقامه، و فريق في حبس مقت اللّه جلّ جلاله و اصطلامه، و
فريق قد استحقّ عليه أخذ كلّما في يديه.
و فريق قد حكمت عليه
الذنوب الّتي اشتملت عليه بالتفريق بينه و بين أولاده العزيزين عليه أو أحبّته
القريبين لديه، و فريق قد سقم عقله و قد ادنفه جهله، و فريق قد مرض قلبه و أحاط به
ذنبه.
و فريق قد ماتت أعضاؤه
بإضاعة البضاعة التي كانت تحصل لها لو أطاعت، و فريق قد صارت أعضاؤه أعداء له بما
إضاعته و بما تجنيه من المعاصي بحسب ما استطاعت، و فريق قد أظلمت عليه ظلم الجهالة
حتّى ما بقي يبصر ما بين يديه من الضلالة، و فريق أعمى و لا يدري مقدار عماه، و
فريق أخرس و لا يدري انه أخرس و قد صار لسانه مقيّدا بسخط مولاه، و فريق أصمّ و هو
لا يدري انّه أصمّ و هو لا يسمع دعاء من دعاء إلى اللّه جلّ جلاله و ناداه.
و البلاد قد أحاط بالعباد
و ضعف عن دفعه قوة أهل الاجتهاد، فبعث اللّه جلّ جلاله رسولا إلى هؤلاء الموصوفين
بهذه الصفات ليسلمهم من النكبات و الآفات و العاهات و ليخلّصهم من اخطارها و يطفي
عنهم لهب نارها و يغسل عن وجوههم دنس عارها و يبلغ بهم من غايات السعادات، ما
كانوا قاصرين عنها و بعيدين منها فيما مضى من الأوقات.
فينبغي ان يكون الاعتراف
للمرسل و الرسول صلوات اللّه عليه بقدر هذا الانعام الذي لا يبلغ وصفي إليه و ان
يكونوا في هذا اليوم مباشرين و شاكرين و ذاكرين لمناقبه
[1] المطمورة: الحفيرة التي تحت الأرض، الحبس.الإقبال بالأعمال الحسنة
اسم الکتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 3 صفحة : 280