اسم الکتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 3 صفحة : 26
قصده و لا يدري لمن حمده أو جحده، فلم يقبلوا من النّاصح الشفيق، و
اجتهدوا في عداوته و محاربته بكلّ طريق.
فاحتمل الناصح جهل المشفق
عليه و تلافى[1] عداوته بالإحسان إليه، حتّى أدّى
الأمر إلى قهر هذا الضال الهالك، و جذبه بغير اختياره إلى صواب المسالك.
فلمّا وقفه الناصح على
صحيح المحجّة، و عرّفه ما كان يجهله من الحجّة، و أغناه بعد الفقر و جبره بعد
الكسر، و أعزّه بعد الذلّة، و كثّره بعد القلة، و أوطأه رقاب ملوك البلاد، و أراه
أبواب الظفر بسعادة الدنيا و المعاد، قام ذاك الضّال عن الصواب الذي كان مفتضحا
بعبادة الأحجار و الأخشاب و مشابها للدّواب، إلى ذريّة مولاه، الّذي هداه و أحياه
و أعتقه من رقّ الجهالة و أطلقه من أسر الضّلالة و بلغ به من السعادة ما لم يكن في
حسابه.
فنازع هذا الناصح الشفيق،
الرفيق في ولده و في ملكه و رئاسته و أسبابه، و جذب عليهم سيفا كان للناصح في
يديه، و أطلق لسانه في ذرية ولاة المحسن إليه، و سعى في التّقدم و أخذ ملكهم من
أيديهم، و سفك دمائهم، و سبى ذريّتهم و نسائهم.
اما ترون هذا قبيحا في
العقول السليمة و فضيعا في الآراء المستقيمة، و يحكمون على فاعله بأنّه قد عاد على
نحو ضلالة السالف، و أوقع نفسه في المتألف و إلى الغدر و الخيانة و سقوط المروّة و
الأمانة.
أ فما كذا جرى لصاحب
النبوة و الوصية و ولده مع من نازعهم في حقوق نبوته و رئاسته و هدايته، فكيف صار
الرعايا ملوكا لولد من حكّمهم في ملكه و ساعين في استبعاد ولده أو هلكة أو إراقة
دمه و سفكه.
تاللّه إنّ الألباب من هذا
لنافرة غاية النفور، و شاهدة انّ فاعله غير معذور.
أ فترضون أن يصنع عبيدكم و
غلمانكم و أتباعكم مع ذريتكم أو أقرب قرابتكم، ما صنع عبيد محمّد و غلمانه و
اتباعه مع ذريته.