responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة المؤلف : السيد بن طاووس    الجزء : 1  صفحة : 489

رمضان، فلمّا كان في آخر ليلة منه أمر مناديه أن ينادي بالنّاس في الخروج إلى البقيع لصلاة العيد، فغدوت من منزلي أريد إلى سيّدي علي بن الحسين عليهما السلام غلسا[1].

فما مررت بسكّة من سكك المدينة إلّا رأيت‌[2] أهلها خارجين إلى البقيع، فيقولون:

إلى أين تريد يا جابر؟ فأقول: إلى مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، حتّى أتيت المسجد، فدخلته، فما وجدت فيه الّا سيّدي علي بن الحسين عليهما السلام قائم يصلّي صلاة الفجر وحده، فوقفت و صلّيت بصلاته، فلمّا ان فرغ من صلاته سجد سجدة الشكر.

ثمّ انّه جلس يدعو و جعلت اؤَمّن على دعائه، فما أتي آخر دعائه حتّى بزغت‌[3] الشمس، فوثب قائما على قدميه تجاه القبلة و تجاه قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

ثم انّه رفع يديه حتّى صارتا بإزاء وجهه و قال:

إِلهِي وَ سَيِّدِي أَنْتَ فَطَرْتَنِي وَ ابْتَدَأْتَ خَلْقِي، لا لِحاجَةٍ مِنْكَ إِلَيَّ بَلْ تَفَضُّلًا مِنْكَ عَلَيَّ، وَ قَدَّرْتَ لِي أَجَلًا وَ رِزْقاً لا أَتَعَدّاهُما، وَ لا يَنْقصُنِي أَحَدٌ مِنْهُما[4] شَيْئاً، وَ كَنَفْتَنِي مِنْكَ بِأَنْواعِ النِّعَمِ وَ الْكِفايَةِ طِفْلًا وَ ناشِئاً، مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ عَمِلْتُهُ، فَعَلِمْتَهُ مِنِّي فَجازَيْتَنِي عَلَيْهِ، بَلْ كانَ ذلِكَ مِنْكَ تَطَوُّلًا عَلَيَّ وَ امْتِناناً.

فَلَمّا بَلَّغْتَ بِي أَجَلَ الْكِتابِ‌[5] مِنْ عِلْمِكَ بِي وَ وَفَّقْتَنِي لِمَعْرِفَةِ وَحْدانِيَّتِكَ وَ الإِقْرارِ بِرُبُوبِيَّتِكَ، فَوَحَّدْتُكَ مُخْلِصاً لَمْ أَدْعُ لَكَ شَرِيكاً فِي مُلْكِكَ، وَ لا مُعِيناً عَلى‌ قُدْرَتِكَ، وَ لَمْ أَنْسِبْ إِلَيْكَ صاحِبَةً وَ لا وَلَداً.

فَلَمَّا بَلَّغْتَ بِي تَناهِيَ الرَّحْمَةِ مِنْكَ عَلَيَّ، مَنَنْتَ بِمَنْ هَدَيْتَنِي بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ، وَ اسْتَنْقَذْتَنِي بِهِ مِنَ الْهَلَكَةِ، وَ اسْتَخْلَصْتَنِي بِهِ مِنَ الْحَيْرَةِ، وَ فَكَكْتَنِي بِهِ مِنَ الْجَهالَةِ، وَ هُوَ حَبِيبُكَ وَ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، أَزْلَفُ‌[6]


[1] الغلس: ظلمة آخر الليل.
[2] لقيت (خ ل).
[3] بزغ الشمس: طلعت.
[4] لا ينقضي منهما (خل).
[5] كناية عن بلوغالحلم.
[6] أزلف: أقرب. الإقبال بالأعمال الحسنة
اسم الکتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة المؤلف : السيد بن طاووس    الجزء : 1  صفحة : 489
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست