مُمَزَّقٌ بِيَدِ إِيثارِهِ عَلَيْكُمْ، وَ مِغْفَرُ غُفْرانِ ذُنُوبِهِ مُكَسَّرٌ بِيَدِ تَهْوِينِهِ بِالاسْتِغْفارِ الَّذِي يُقَرِّبُهُ الَيْكُمْ، وَ عَوْراتُهُ مَكْشُوفَةٌ وَ عَثَراتُهُ مَخُوفَةٌ.
فَهُوَ مُتَهَتِّكٌ[1] فِي هذا الْعِيدِ السَّعِيدِ بِسُوءِ مَلْبُوسِهِ، وَ خَجْلانٌ خِزْيانٌ مِنْ ثِيابِ نُحُوسة، فَما أَنْتُمْ صانِعُونَ بِمَمْلُوكٍ يَقُولُ بِلِسانِ حالِهِ: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، وَ أَنْتُمْ عَلَّمْتُمُ الْمُلُوكَ[2] مَكارِمَ الْأَخْلاقِ، وَ عَنْكُمْ وَ مِنْكُمْ عُرِفَ ابْتِداءُ الْخِلَعِ، وَ إِطْلاقُ الْأَعْناقِ وَ الْأَرْزاقِ.
وَ قَدْ كانَ الْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ لَمَّا ابْتَدَأْتُمْ بإِنْشائِهِ عَرَفْتُمْ ما يَقَعُ مِنْهُ مِنْ سُوءِ إِبائِهِ[3]، وَ وَسِعَهُ حِلْمُكُمْ، حَتّى خَلَعْتُمْ عَلَيْهِ خِلَعَ الْبَقاءِ، وَ خِلَعَ سَلامَةِ الْأَعْضاءِ، وَ خِلَعَ الشِّفاءِ مِنَ الْأَدْواءِ، وَ كَسَوْتُمُوهُ لَحْماً وَ جِلْداً، وَ بالَغْتُمْ مَعَهُ إِنْعاماً وَ رِفْداً.
فَيَبْقى الْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ عُرْياناً بِحَضْرَتِكُمْ[4]، فَمَنْ ذا يَسْتُرُهُ وَ يَكْسُوهُ إِذا رَآهُ، وَ قَدْ ضاقَتْ عَنْهُ سِعَةُ رَحْمَتِكُمْ، وَ مَنْ يَأْوِيهِ إِذا نُودِيَ عَلَيْهِ: أَيْ طَرِيدُ نِقْمَتِكُمْ، فَيا مَنْ خَلَعَ عَلَيْهِ، وَ قَدْ عَرَفَ ما يَنْتَهِي حالُهُ إِلَيْهِ، وَ رَبَّاهُ وَ غَذَّاهُ وَ آواهُ، فَقَدْ أَحاطَ عِلْماً بِجُرْأَتِهِ عَلَيْهِ، وَ ما كانَ قَدْ تَشَرَّفَ بِمَعْرِفَةِ مَوْلاهُ، وَ لا ارْتَضاهُ أَنْ يَخْدِمَهُ فِي دُنْياهُ.
ارْحَمْ اسْتِغاثَتَهُ بِكَ، وَ اسْتِكانَتَهُ لَكَ، وَ اسْتِجارَتَهُ بِظِلِّكَ، وَ وَسِيلَتَهُ بِفَضْلِكَ الى عَدْلِكَ، وَ اكْسِرْ مِنْ خِلَعِ الْعَفْوِ وَ الْغُفْرانِ، وَ الْأَمانِ وَ الرِّضْوانِ، ما يَكُونُ ذِكْرُها وَ شُكْرُها وَ نَشْرُها، مَنْسُوباً إِلى مُجَرَّدِ رَحْمَتِكَ وَ جُودِكَ.
فَقَدِ انْكَسَرَ قَلْبُهُ، وَ خَجِلَ وَ اسْتَحْيا مِنْ وُقُوفِهِ عُرْياناً فِي يَوْمِ عِيدِكَ، مَعَ كَثْرَةِ مَنْ خَلَعْتَ عَلَيْهِ مِنْ عَبِيدِكَ وَ وُفُودِكَ، وَ مالَهُ بابٌ غَيْرُ بابِكَ، وَ هُوَ عاجِزٌ